الثلاثاء، 24 أبريل 2018

الواقدي في المغازي

فالواقدي ـ رحمه الله ـ ضعيف عند المحدثين، وبعضهم تركه،
الرابط مختصر من اسلام ويب
وأما في المغازي، والسير: فهو عالم كبير معتمد في نقله تفاصيل السير، ونحو ذلك، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الصارم المسلول في قتل كعب بن الأشرف: وما ذكره الواقدي عن أشياخه يوضح ذلك، ويؤيده، وإن كان الواقدي لا يحتج به إذا انفرد، لكن لا ريب في علمه بالمغازي، واستعلام كثير من تفاصيلها من جهته، ولم نذكر عنه إلا ما أسندناه عن غيره. انتهى.
وقد نقل عنه في هذا الكتاب في أكثر من ثلاثين موضعًا، قال د. فاروق حمادة في أعلام السيرة النبوية في القرن الثاني للهجرة: وقد وقف الناس من الواقدي مواقف متباينة، فمنهم من قواه، ومنهم من ضعفه حتى اتهمه غير واحد بالوضع في الحديث، ولكنه في المغازي، والسير، والأحداث غير مدفوع عن ذلك، بل له بها مزيد عناية، واختصاص، وهو فيها رأس، وله مكانة، قال إبراهيم الحربي: سمعت المسيبي يقول: رأيت الواقدي يومًا جالسًا إلى أسطوانة في مسجد المدينة، وهو يدرس، فقلنا: أي شيء تدرس؟ فقال: جزءًا من المغازي، وقلنا له يومًا: هذا الذي تجمع الرجال تقول: حدثنا فلان، وفلان، وجئت بمتن واحد، لو حدثتنا بحديث كل واحد على حدة، فقال: يطول، قلنا له: قد رضينا، فغاب عنا جمعة، ثم جاءنا بغزوة أحد في عشرين جلد، فقلنا: ردنا إلى الأمر الأول. انتهى.
وهذه القصة تبين السبب الرئيس الذي طُعِن بسببه على الواقدي، وهو جمع الإسناد، فالمحدثون يرفضون جمع الإسناد بخلاف الإخباريين، والإخباري همه نقل القصة، ويصعب عليه جدًّا تقطيع مرويات كل محدث على حدة، وهذا ما فعله الزهري في حديث الإفك، جاء في تاريخ بغداد: العبّاس بن العبّاس بن المغيرة، أَخْبَرَنِي بعض مشايخنا قَالَ: سألت إبراهيم الحربي عما أنكره أحمد بن حنبل عن الواقدي، فذكر أن مما أنكره عليه جمعه الأسانيد، ومجيئه بالمتن واحدًا، قَالَ إبراهيم الحربي: وليس هذا عيبًا، قد فعل هذا الزهري، وابن إسحاق... قال بور بن أصر: رآني الواقديّ أمشي مع أحمد بن حنبل، قَالَ: ثم لقيني بعد، فقال لي: رأيتك تمشي مع إنسان ربما تكلم في الناس، قيل لإبراهيم: لعله بلغه عنه شيء؟ قَالَ: نعم، بلغني أن أحمد أنكر عليه جمعه الرجال والأسانيد في متن واحد، قَالَ إبراهيم: وهذا قد كان يفعله حماد بن سلمة، وابن إسحاق، ومحمد بن شهاب الزهري. انتهى.
وانظر في ذلك: الواقدي وكتابه المغازي د.عبد العزيز السلومي ص: 123، ومصادر السيرة د. محمد يسري سلام ـ رحمه الله ـ  ص: 85ـ وراجع خلاصة كتاب السلومي على الرابط: http://dorar.net/lib/book_end/13163
يقول د. فاروق حمادة تعليقًا على جمع الواقدي غزوة أحد: أقول: ولا غرابة في ذلك، فقد كان واسع الرواية بمنهج متميز، كشف عنه بقوله: ما أدركت رجلًا من أبناء الصحابة، وأبناء الشهداء، ولا مولى لهم إلا سألته هل سمعت أحدًا من أهلك يخبرك عن مشهده، وأين قتل؟ فإن أعلمني مضيت إلى الموضع، فأعاينه، ولقد مضيت إلى المريسيع، فنظرت إليها، وما عملت غزاة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه، ومن كان هذا همه، ووكده، فلا غرابة أن يكون عنده ما ليس عند غيره، قال ابن كثير، وهو الماهر العارف بهذا الشأن: والواقدي عنده زيادات حسنة، وتاريخ محرر غالبًا، فإنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه مكثر، وقال الذهبي: والواقدي وإن كان لا نزاع في ضعفه، فهو صادق اللسان، كبير القدر، وقال بعد أن استعرض ما قاله مادحوه، وقادحوه: وقد تقرر أن الواقدي ضعيف يحتاج إليه في الغزوات، والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض: فلا ينبغي أن يذكر، فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد، وعامة من جمع في الأحكام نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد بن عمر شيئًا، مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه، ويروى؛ لأني لا أتهمه بالوضع، وقول من أهدره فيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه ـ وهم تمام عشرة محدثين ـ إذ انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة، وأن حديثه في عداد الواهي.
وسر تقدمه في السيرة أكثر من غيرها أنه كان له كبير اعتناء بتفاصيل السير، جاء في مقدمة تحقيق مغازي الواقدي للمستشرق: مارسدن جونس: وقد أفاضت أكثر المراجع في ذكر عناية الواقدي بجمع التفاصيل عن الأخبار، والأحاديث، والروايات المختلفة، وأشادت بجهوده في هذا السبيل، روى ابن عساكر، والخطيب البغدادي، وابن سيد الناس عن الواقدي أنه قال: ما أدركت رجلًا من أبناء الصحابة، وأبناء الشهداء، ولا مولى لهم إلا سألته: هل سمعت أحدًا من أهلك يخبرك عن مشهده، وأين قتل؟ فإذا أعلمني مضيت إلى الموضع، فأعاينه، ولقد مضيت إلى المريسيع، فنظرت إليها، وما علمت غزاة إلا مضيت إلى الموضع حتى أعاينه، وقد رويت أخبار مشابهة عن هارون الفروي، قال: رأيت الواقدي بمكة، ومعه ركوة، فقلت: أين تريد؟ قال: أريد أن أمضي إلى حنين، حتى أرى الموضع، والوقعة، ويشهد لنباهة الواقدي في هذا الشأن ما ذكر من أن هارون الرشيد، ويحيى بن خالد البرمكي ـ حين زارا المدينة في حجّهما ـ طلبا من يدلهما على قبور الشهداء، والمشاهد، فدلوهما على الواقدي الذي صحبهما في زيارتهما، ولم يدع موضعًا من المواضع، ولا مشهدًا من المشاهد إلا مرّ بهما عليه. انتهى.
وهذه النقول موثقة من مصادرها في طبعة مغازي الواقدي، طبعة دار الأعلمي ـ بيروت، وذكر نحو ذلك يحيى الجبوري في مقدمة تحقيقه: الردة للواقدي.
وعلى هذا؛ فلا مانع أن يكون قويًّا في السيرة، أو معتمدًا في بعض تفاصيلها، ضعيفًا في غيرها، قال د. بشار عواد معروف ـ حفظه الله ـ في مقدمته لمصادر السيرة: وختم الدكتور الباحث كتابه النفيس بمطلب قريب إلى نفسي، وعقلي، ومنهجي، تناول فيه مسألة الاختصاص، وضرورة مراعاتها، وأن الاختصاص كان أمرًا معروفًا عند المتقدمين، فتقبل رواياتهم في اختصاصاتهم، وتُرفض في غيرها، فتؤخذ الأنساب من ابن الكلبي، والمغازي من الواقدي، وأخبار الردة والفتوح من سيف بن عمر، مع كونهم من المتروكين في رواية الحديث...انتهى.
وانظر بحث الاختصاص المشار إليه بمصادر السيرة د. محمد يسري سلامة ص: 264.
وأما كتاب: فتوح الشام، وهل تصح نسبته إليه، فنرجو إرساله في سؤال مستقل، ويمكنك الاستفادة من الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=202025
والله أعلم.

الواقدي وكتابه المغازي
الإثنين 14 ذو الحجة 1436 - 28-9-2015

رقم الفتوى: 308521
التصنيف: تراجم وشخصيات
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق