الأحد، 22 أبريل 2018

3.السيرة النبوية لأبي الحسن الندوي 3

المعجمة! فاركبوها صالحة وكلوها صالحة» «1».
وعن عبد اللّه بن جعفر - رضي اللّه عنهما - قال : دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حائطا لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جمل ، فلمّا رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه ، فأتاه النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم فمسح سراته «2» ، وذفراه ، فسكن ، فقال :
«من ربّ هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟» فجاء فتى من الأنصار ، فقال :
هذا لي يا رسول اللّه ، قال : «أفلا تتّقي اللّه في هذه البهيمة التي ملّكك اللّه إياها ؟ فإنه يشكو إليّ أنّك تجيعه وتدئبه» «3» «4».
وروى أبو هريرة - رضي اللّه عنه - قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : «إذا سافرتم في الخصب ؛ أعطوا الإبل حظّها من الأرض ، وإذا سافرتم بالجدب ، فأسرعوا عليها السير ، وبادروا بها نقيها ، وإذا عرّستم فاجتنبوا الطريق ، فإنّها طريق الدوابّ ومأوى الهوام بالليل» «5».
وعن ابن مسعود - رضي اللّه عنه - قال : كنّا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر ، فانطلق لحاجته ، فرأينا حمّرة معها فرخان ، فأخذنا فرخيها ، فجعلت تعرّش ، فجاء النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال : «من فجع هذه بولدها ، ردّوا ولدها إليها».
___________
(2/13)
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ، باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم ، [برقم (2548)].
(2) سراته : أي سنامه.
(3) [تدئبه : أي تكدّه وتتعبه (من : دأب يدأب ، وأدأب يدئب)].
(4) أخرجه أبو داود [في كتاب الجهاد] ، باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم ، [برقم (2549) ، وأحمد في المسند (1/ 205)].
(5) أخرجه مسلم [في كتاب الإمارة] ، باب مراعاة مصلحة الدواب في السير .. ، [برقم (1926) ، وأبو داود في كتاب الجهاد ، باب في سرعة السير والنهي عن التعريس في الطريق ، برقم (2569) ، والترمذي في أبواب الأدب ، باب مراعاة الإبل في الخصب والسنة في السفر ، برقم (2858) ، وغيرهم ].

(1/598)


ص : 599
ورأى قرية نمل قد حرقناها ، قال : «من حرق هذه ؟» فقلنا : نحن ، قال : «إنّه لا ينبغي أن يعذّب بالنار إلا ربّ النار» «1».
هذا فضلا عمّا أوصاه للخادم والأجير ، وهما بشر من البشر ، ولهما فضل على السّيد والمستأجر ، فقد أوصى صلى اللّه عليه وسلم بالخدم والعبيد خيرا.
روى جابر بن عبد اللّه - رضي اللّه عنه - أنّ النّبي صلى اللّه عليه وسلم كان يوصي بالمملوكين خيرا ، ويقول : «أطعموهم ممّا تأكلون ، وألبسوهم من لبوسكم ، ولا تعذّبوا خلق اللّه عزّ وجلّ ، إنّ إخوانكم خولكم ، جعلهم اللّه تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه ممّا يأكل ، وليلبسه ممّا يلبس ، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم ، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» «2».
وروي عن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - قال : جاء أعرابيّ إلى النّبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه! كم أعفو عن الخادم كلّ يوم ؟ قال : «سبعين مرة» «3».
وعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه» «4».
___________
(2/14)
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ، باب في كراهية حرق العدوّ ، [برقم (2675) ، وأحمد في المسند (1/ 404)].
(2) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» ص (30) ، [و أخرجه في صحيحه في كتاب الأدب ، باب ما ينهى من السباب واللعن ، برقم (6050) ، ومسلم في كتاب الأيمان ، باب إطعام المملوك مما يأكل .. ، برقم (1661) ، والترمذي في أبواب البر والصلة ، باب ما جاء في الإحسان إلى الخادم ، برقم (1945) من حديث المعرور بن سويد رضي اللّه عنه ].
(3) [أخرجه أبو داود في كتاب الأدب ، باب في حق المملوك ، برقم (5164) ، والترمذي في أبواب البر والصلة ، باب ما جاء في العفو ، عن الخادم ، برقم (1949) ، وأحمد في المسند (2/ 90)].
(4) أخرجه ابن ماجه في أبواب الرهون ، باب : أجر الأجراء [برقم (2443)].

(1/599)


ص : 600
أسوة كاملة وقدوة عامة :
ونختم هذا الفصل بقطعة جميلة نقتبسها من كتاب «الرسالة المحمديّة» «1» لمؤلّف السيرة النبويّة الشهير ، أستاذنا العلامة سليمان النّدوي «2» ، ذكر فيها كيف كان النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم أسوة لجميع طبقات البشر ، ويصلح أن يكون قدوة لجميع أفراد بني آدم ، على اختلاف صنائعهم ومهنهم وظروفهم وبيئاتهم في كلّ زمان ، يقول - رحمة اللّه - :
«لقد مثّلت حياة النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم أعمالا كثيرة متنوعة ، بحيث تكون فيها الأسوة الصالحة ، والمنهج الأعلى ، للحياة الإنسانيّة في جميع أطوارها ؛ لأنها جمعت بين الأخلاق العالية والعادات الحسنة ، والعواطف النبيلة المعتدلة ، والنوازع العظيمة القويمة.
إذا كنت غنيّا مثريا ، فاقتد بالرسول صلى اللّه عليه وسلم عند ما كان تاجرا يسير بسلعه بين الحجاز والشام ، وحين ملك خزائن البحرين.
وإن كنت فقيرا معدما فلتكن لك أسوة به وهو محصور في شعب
___________
(2/15)
(1) [هو من أقوى الكتب في السيرة النبوية ، وأروعها في جمال التعبير ، وبثّ حلاوة الإيمان ، وتوثيق الصّلة بذات النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ، وهو عصارة لمكتبة كاملة في السيرة ، وهو هدية ثمينة لغير المسلمين والمثقّفين المسلمين ، والباحثين عن الحق للتعريف بالإسلام ، ولعرض سيرة النبي صلى اللّه عليه وسلم بإيجاز ، وأسلوب مقنع مؤثّر - (العلامة المؤلّف في كتابه «شخصيات وكتب» ص 56) وقد طبع الكتاب بعنايتنا في دار ابن كثير بدمشق عام 1423 ه 2002 م ].
(2) [توفي رحمه اللّه - بمدينة كراتشي عام 1373 ه (1952 م) ، ومن يريد الاستزادة والاطلاع على شخصيته العبقرية ومكانته العلمية وآثاره التأليفية فليرجع إلى كتاب «السيد سليمان الندوي : أمير علماء الهند في عصره ، وشيخ الندويين» تأليف الدكتور محمد أكرم الندوي ، طبع دار القلم بدمشق ].

(1/600)


ص : 601
أبي طالب ، وحين قدم إلى المدينة مهاجرا إليها من وطنه ، وهو لا يحمل من حطام الدّنيا شيئا.
وإن كنت ملكا فاقتد بسننه وأعماله حين ملك أمر العرب ، وغلب على آفاقهم ، ودان لطاعته عظاماؤهم وذوو أحلامهم.
وإن كنت رعية ضعيفا ، فلك في رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أسوة حسنة أيام كان محكوما بمكة في نظام المشركين.
وإن كنت فاتحا غالبا ، فلك في حياته نصيب أيّام ظفره بعدوّه في بدر وحنين ومكة.
وإن كنت منهزما - لا قدّر اللّه ذلك - فاعتبر به في يوم أحد وهو بين أصحابه القتلى ورفقائه المثخنين بالجراح.
وإن كنت معلّما ، فانظر إليه وهو يعلّم أصحابه في صحن المسجد.
وإن كنت تلميذا متعلّما ، فتصوّر مقعده بين يدي الروح الأمين جاثيا مسترشدا.
وإن كنت واعظا ناصحا ومرشدا أمينا ، فاستمع إليه وهو يعظ الناس على أعواد المسجد النبويّ.
(2/16)
وإن أردت أن تقيم الحقّ وتصدع بالمعروف ، وأنت لا ناصر لك ولا معين ، فانظر إليه وهو ضعيف بمكة ، لا ناصر ينصره ، ولا معين يعينه ، ومع ذلك فهو يدعو إلى الحقّ ويعلن به.
وإن هزمت عدوّك وخضدت شوكته ، وقهرت عناده ، فظهر الحقّ على يديك ، وزهق الباطل ، واستتبّ الأمر ، فانظر إلى النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم يوم دخل مكة ، وفتحها.

(1/601)


ص : 602
وإن أردت أن تصلح أمورك ، وتقوم على ضياعك ، فانظر إليه صلى اللّه عليه وسلم وقد ملك ضياع بني النّضير وخيبر ، وفدك ، كيف دبّر أمورها ، وأصلح شؤونها ، وفوّضها إلى من أحسن القيام عليها.
وإن كنت يتيما ، فانظر إلى فلذة كبد آمنة وزوجها عبد اللّه ، وقد توفيا وابنهما صغير رضيع.
وإن كنت صغير السنّ ، فانظر إلى ذلك الوليد العظيم حين أرضعته مرضعته الحنون حليمة السّعديّة.
وإن كنت شابّا فاقرأ سيرة راعي مكة.
وإن كنت تاجرا مسافرا بالبضائع ، فلاحظ شؤون سيّد القافلة التي قصدت «بصرى».
وإن كنت قاضيا أو حكما فانظر إلى الحكم الذي قصد الكعبة قبل بزوغ الشمس ليضع الحجر الأسود في محلّه ، وقد كاد رؤساء مكة يقتتلون ، ثمّ أرجع البصر إليه مرة أخرى ، وهو في فناء مسجد المدينة يقضي بين الناس بالعدل ، يستوي عنده منهم الفقير المعدم ، والغنيّ المثريّ.
وإن كنت زوجا فاقرأ السيرة الطاهرة ، والحياة النزيهة لزوج خديجة وعائشة.
وإن كنت أبا أولاد ، فتعلّم ما كان عليه والد فاطمة الزهراء ، وجدّ الحسن والحسين رضي اللّه عنهما.
وأيّا من كنت ، وفي أيّ شأن كان شأنك ، فإنّك مهما أصبحت أو أمسيت ، وعلى أيّ حال بتّ أو أضحيت ، فلك في حياة محمد صلى اللّه عليه وسلم هداية حسنة ، وقدوة صالحة تضيء لك بنورها دياجي الحياة ، وينجلي لك بضوئها

(1/602)


ص : 603
ظلام العيش ، فتصلح ما اضطرب من أمورك ، وتثقف بهديه أودك ، وتقوّم بسننه عوجك.
(2/17)
وإنّ السيرة الطيبة الجامعة لشتّى الأمور هي ملاك الأخلاق ، وجماع التعاليم ، لشعوب الأرض ، وللناس كافّة ، في أطوار الحياة كلّها ، وأحوال الناس على اختلافها وتنوّعها ، فالسيرة المحمديّة نور للمستنير ، وهديها نبراس للمستهدي ، وإرشادها ملجأ لكلّ مسترشد «1».
___________
(1) الرسالة المحمدية : المحاضرة الخامسة : «السيرة المحمدية من ناحيتها الجامعة» ص (117 - 118) طبع دار ابن كثير بدمشق.

(1/603)


ص : 605
الفصل السابع فضل البعثة المحمّدية على الإنسانيّة ومنحها العالميّة الخالدة
أ - فضل البعثة المحمدية على الإنسانية : إعلان فريد في تاريخ الرسالات والديانات
قيمة الرحمة التي اقترنت بالبعثة المحمدية البعثة المحمدية أنقذت النوع البشريّ من الشقاء
مهمة النبوّة ودورها في الإنقاذ والإسعاد
ب - العالم الجديد في حساب البعثة المحمدية ومنحها : منح البعثة المحمدية
عقيدة التوحيد النقية الواضحة
مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية إعلان كرامة الإنسان وسموّه
محاربة اليأس والتشاؤم وبعث الأمل والرجاء
الجمع بين الدين والدنيا
تعيين الأهداف والغايات وميادين العمل والكفاح
* ولادة عالم جديد وإنسان جديد

(1/605)


ص : 607
فضل البعثة المحمّديّة على الإنسانيّة ومنحها العالميّة الخالدة «1»
أ - فضل البعثة المحمدية على الإنسانية
1 - إعلان فريد في تاريخ الرسالات والديانات :
قال اللّه تعالى مخاطبا لنبيّه محمد صلى اللّه عليه وسلم : وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء : 107] ، هذا إعلان فريد من نوعه ، جاء في كتاب خالد قدّر اللّه سبحانه وتعالى له أن يتلى في كلّ مكان وزمان ، ويبلغ عدد قرائه ملايين الملايين ، وقال عنه : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر : 9].
(2/18)
إنّ سعة هذا الإعلان ، وإطاره الكبير ، ومساحته بحساب الزمان والمكان ، تجعلان هذا الإعلان خارقا للعادة ، لا يمكن أن يمرّ به الإنسان
___________
(1) محاضرة ألقاها المؤلف في 20 ربيع الآخر 1395 ه (2/ 5/ 1975 م) في قاعة المحاضرات الكبرى بمدينة لكهنؤ - الهند ، حضرها جمّ غفير من المثقفين من جميع طبقات الشعب ، من المسلمين وغير المسلمين ، نقلها إلى العربية الأستاذ محمد الحسني رئيس تحرير مجلة «البعث الإسلامي» وتناولها المحاضر بالتنقيح والتهذيب وشيء من الحذف والزيادة ، ولما كانت هذه المحاضرة وثيقة الصلة بالسيرة النبوية ، وفضلها على الإنسانية والمدنية ، جعلها المؤلّف الفصل الأخير لهذا الكتاب.

(1/607)


ص : 608
الواعي مرورا عابرا سريعا ، فإنّ مساحته الزمنيّة تحوي جميع الأجيال ، والأدوار التاريخيّة التي تتلو البعثة المحمدية ، ومساحته المكانيّة تسع العالم كلّه ، فإنّ اللّه سبحانه وتعالى لم يقل : إنّنا أرسلناك رحمة لجزيرة العرب ، أو للشرق أو الغرب أو لقارّة مثل آسيا مثلا ، بل إنّه قال : وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء : 107].
(2/19)
الحقّ أنّ سعة هذا الإعلان وشموله ، وعظمته وسموّه ، واستمراره وخلوده ، كلّ ذلك يقتضي أن يقف عنده مؤرّخو العالم وفلاسفته ، ونوابغه وأذكياؤه حيارى مشدوهين ، بل يقف أمامه الفكر الإنسانيّ كلّه حائرا مشدوها ، وينقطع إليه كلّيا - ردحة من الزمان - يبحث في مدى صدق هذا الإعلان ، أو صحة هذا الواقع ، لأنّنا لم نجد في تاريخ الأديان والنّحل ، وفي تاريخ الحضارات والفلسفات وتاريخ الحركات الإصلاحيّة والمحاولات الثوريّة ، بل في تاريخ العالم كلّه ، وفي المكتبة الإنسانيّة بأسرها مثل هذا الإعلان المحيط بالكون كلّه ، والأجيال البشريّة كلّها ، والأدوار التاريخيّة بأجمعها ، حول أيّ شخصيّة من شخصيّات العالم ، حتّى إنّ خلاصة تعاليم الأنبياء السابقين ، ونبذة من أحوالهم وسيرتهم الّتي وصلت إلينا هي أيضا مجرّدة عن مثل هذا الإعلان.
أمّا اليهوديّة - وهي ديانة قديمة مشهورة - فإنّها تنظر إلى اللّه كربّ بني إسرائيل ، وإله بني إسرائيل في الغالب. إنّ صحف العهد القديم ، والكتب المقدسة الدينيّة عند اليهود تخلو عن ذكر اللّه كربّ العالمين ، وربّ الكون بتاتا ، ولذلك فالبحث في سيرة نبيّ من أنبيائهم ، مثل موسى وهارون ، أو داود وسليمان ، عن مثل هذا الإعلان ، عبث وإضاعة وقت ، فإنّ هذه الديانة لم تكن - في أيّ مرحلة من مراحلها - رسالة رحمة ومساواة للجيل الإنساني ّ

(1/608)


ص : 609
كلّه من غير تمييز عنصريّ ولم تشجّع فيها الدعوة إلى هذه الديانة خارج شعب إسرائيل أبدا «1».
أمّا المسيحيّة التي عرفت بتسامحها وحماسها للدعوة ، وعطفها على الإنسانية ، فقد جاء في الإنجيل تصريح - والعهدة على الكتاب - بأنّ المسيح صرّح بأنّه لم يبعث إلا ليرعى خراف بني إسرائيل الضالة «2» ، وحين لفت نظره إلى بعض المرضى الذين لم تكن لهم صلة رحم ونسب ببني إسرائيل اعتذر وقال : «إنّي لست ذلك الرجل الذي يعطي خبز الأولاد للكلاب» «3».
(2/20)
أمّا الدّيانات الشرقيّة والآسيويّة الآخرى ، وخاصة الهندوكيّة ، فإنّها لا تختلف كثيرا عن النموذج السابق ، بل إنّها تسبق الديانات السابقة أحيانا في تقديس النّسب والسلالة ، وتوزيع النّاس في طبقات توزيعا ظالما جائرا ، لا يعرف اللين والمرونة.
فقد كان المنبوذون في المجتمع الهنديّ محرومين من كلّ نوع من التكريم والشرف والمساواة ، ومن أولى حقوق الإنسان ، وأبسط مبادىء الإنسانيّة ، لا يجوز لهم تحصيل العلم ، والتعليم ، والتدريس ، والتطلّع إلى الهضبة الروحية.
فقد خصّ دراسة «ويدا» وتقديم القرابين ، والنذر لآلهتهم وأوثانهم بالبراهمة فحسب «4» ، وكان النظر في كتب «ويدا» ودراستها مقصورا على
___________
(1) انظر للتوسع والتفصيل في هذا الموضوع كتاب المهتدية الأمريكية الفاضلة مريم جميلة : 32 - 22 tneserP tsaP, batiK - lE - lhA susreV malsI (.
(2) إنجيل متى : باب 15 ، آية 24 ، وباب 10 ، آية 6 - 7.
(3) متى : باب 15 - آية 26.
(4) منوشاستر : الباب الأول - 88.

(1/609)


ص : 610
فئة الشتري والويش «1» ، وقد صرّح «منوشاستر» أنّ المنبوذين لم يخلقهم اللّه إلّا لغرض واحد ، وهو خدمة الطبقات الثلاث التي مضى ذكرها «2».
إنّ أهل الهند القدامى لم يكونوا يعرفون وراء جبال «هملايا» دنيا ، لا صلة لهم بالعالم الخارجيّ ، وبالشعوب الآخرى ، ولا رغبة لهم في الإطلال عليها ، لذلك فإنّ البحث عن مثل هذا الإعلان عن نبيّ أو وليّ أو مصلح فيهم عبث وإضاعة جهد ووقت.
الحقيقة أنّ البحث عن نبيّ يكون رحمة للعالمين في ديانة لا تحمل عقيدة «ربّ العالمين» غير معقول وغير منطقيّ.
2 - قيمة الرحمة التي اقترنت بالبعثة المحمديّة كما وكيفا :
إنّ لتقدير شيء ، ووضعه في محلّه المناسب ومكانه اللائق مقياسين بصورة عامّة :
(2/21)
الأوّل : مقداره وحجمه الذي يعبّر عنه في المصطلح الحديث بالكميّة) ytitnauQ (.
والثاني : جوهره ووصفه الذي يقال له الكيفية) ytilauQ (.
وهذا الإعلان الذي نادى به القرآن يشمل هذين النوعين ، ويجمع بين الناحيتين ، فإنّ بعثته صلى اللّه عليه وسلم وشخصه العظيم ، وتعاليمه السامية الخالدة أفاضت على الإنسانيّة مسحة جديدة من الحياة والنشاط ، وكانت السبب المباشر في شفائها من أسقامها وعلّاتها ، وفي حلّ معضلاتها ، ونهاية آلامها وأحزانها ، وهطول أمطار الرحمة والبركة ، واليمن والسعادة ، والخير
___________
(1) منوشاستر : الباب الأول - آية 89 - 90.
(2) المصدر السابق : الباب الأول - 91.

(1/610)


ص : 611
والفلاح على أرضها المجدبة القاحلة ، وكانت هذه المعطيات المحمديّة الغالية منقطعة النظير بحساب السعة والوفرة ، والحجم والكميّة) ytitnauQ (وبحساب النفع والإفادة والجوهر والكيفية) ytilauQ (أيضا.
(الرّحمة) لفظ شاع استعماله في حياتنا اليوميّة ، وهو يطلق على كلّ شيء ينال به الإنسان نفعا وراحة ، أمّا أنواع الرحمة وأقسامها ، ودرجاتها ومدارجها ، فلا حصر لها ، يقدّم أحدنا الماء البارد إلى أخيه العطشان ، ويدلّ المسافر والغريب على الطريق ، ويحرّك له المروحة في يوم صائف شديد الحرّ ، الأمّ تحنو على طفلها ، الأب يربّي ولده ويعلّمه ، ويزوّده بحاجيات الحياة ، المدرّس يدرّس تلاميذه ، ويمنحهم ما عنده من نعمة العلم ، وهكذا إطعام الجائع المسكين ، وإكرام الضيف ، وكساء العريان ، كلّ ذلك من مظاهر الرحمة العامة ، وألوانها المختلفة الزاهية ، وهي تستحقّ منّا كلّ تقدير ، واعتراف ، وشكر.
(2/22)
ولكنّ أكبر مظهر من مظاهر الرحمة ، وأروع صورة من صورها الجميلة أن ينقذ أحدنا أخاه من مخالب الموت ، هناك طفل صغير بريء نراه في حالة الاحتضار ، كاد يلفظ نفسه الأخير ، الأمّ تقف إلى جواره تبكي ، قد أظلمت الدّنيا في ناظريها ، وانقطع أملها في فلذة كبدها ، ومأوى حنانها وحبّها ، الأب يسعى هنا وهناك هائما على وجهه ، فلا يجد راقيا وأنيسا ، هنالك يأتي طبيب حاذق ، كما ينزل الملك من السماء ويقول مهلا .. لا داعي للقلق ، ولا موجب لليأس ، ولا يلقي في فم الطفل قطرات قليلة من الدواء حتّى يفتح عينيه وينشط.
تصوّر ماذا يقال لهذا الطبيب ؟ ألا يقال له : أنّه ملك الرحمة ، أرسله اللّه لإنقاذ هذا الطفل ، وإعادة الحياة إليه ؟ هنالك تتلاشى كلّ هذه الأنواع من

(1/611)


ص : 612
الرحمة التي قدمناها أولا ، وتذوب أمام هذا المظهر الرائع الأخّاذ من الرحمة ، إنها ليست منّة على الطفل فقط ، بل على أسرته كلّها.
نرى أعمى يمشي متوكّئا على عصاه ، قد شارف هوّة عميقة أو بئرا ، قد تكون خطوته التالية خطوة الموت ، فيهرول إليه عبد من عباد اللّه ويأخذ بحجزه ، ويمنعه عن الوقوع في هذه الهوّة ، أفلا نسمّيه ملك الرحمة ؟
هذا شابّ يافع ، قرّة عين أبويه ، وكفيل عائلته الفقيرة ، قد أشرف على الغرق في نهر فائض يحاول أن يطفو على الماء ، ولكن بدون جدوى ، فيقفز إليه رجل مجازفا بحياته ، ويأخذ به إلى ساحل النجاة ، فيحمله ربّ الأسرة أو إخوة هذا الشاب على أعناقهم ، ويضمّونه إلى صدورهم بحرارة وحبّ ، ولا ينسون فضله على أسرتهم الصغيرة مدى الدهر ، ترى هل تساوي مظاهر الرحمة الأولى هذه الرحمة العظيمة الغالية ؟!!.
3 - البعثة المحمدية أنقذت الجيل البشري من الشقاء والهلاك :
(2/23)
ولكنّ آخر مظهر من مظاهر الرحمة وقيمتها وذروة سنامها ، هي أن ينقذ رجل الإنسانيّة كلّها من الهلاك ، وهناك فرق عظيم بين هلاك وهلاك ، وبين خطر وخطر ، ذلك هلاك محدود سطحيّ ، وخطر عابر قد يزول ، وهذا هلاك أبديّ ، وخطر مستمرّ لا يزول ، لذلك فإنّ رحمة الأنبياء بالنوع البشريّ لا تقاس أبدا على هذه الرحمات ، رغم أهميّتها وعظمتها.
إنّ أمامنا بحرا هائجا مائجا من الحياة لم يلتقم الأفراد والآحاد فحسب ، بل إنّه ابتلع الأمم والبلاد ، وهضم الحضارات والمدنيّات ، ترتفع أمواجه العاتية الهائلة ، كأفواه التماسيح الفاغرة ، وتنقضّ على الجماعات البشريّة كالأسد الضاري ، والمشكلة أنّه كيف نعبر هذا البحر الهادر الزاخر الذي لا يعرف الرحمة ؟ ، وكيف ننزل بسفينة الإنسانية على برّ الأمان ؟.

(1/612)


ص : 613
ولا يكون صاحب الفضل الأكبر في هذا المجال ، ولا يعتبر أكبر منقذ للإنسانيّة ، وصاحب المنّة عليها ، والإحسان إليها ، إلّا من يجدّف هذه السفينة ، التي تلعب بها العواصف الهوجاء والأمواج الهائلة كالجبال ، والتي غاصت بركّابها ، وغاب الملّاح والرّبّان ، ثمّ يوصلها بسلامة إلى ساحل النجاة ؟!!
إنّ النوع البشريّ شاكر لهؤلاء الذين منحوه هدية العلم ، ويشكر هؤلاء الذين جمعوا له هذه الأكداس من المعلومات ، ويشكر الذين هيّؤوا له كلّ هذه التسهيلات ، وزوّدوه بوسائل الراحة والرخاء ، وذلّلوا صعاب الحياة ، واقتحموا عقباتها وشعابها ، إنّه لا يبخس حقّ أحد من هؤلاء ، ولا ينكر فضلهم عليه ، ولكنّ قضيّته الكبرى ، ومشكلته الأولى هي أنّه كيف ينفذ نفسه من أعدائه الذين وقفوا له بالمرصاد ، وأحاطوا به من كلّ جانب ، وكيف يصل بسفينته إلى برّ السلامة والأمان ؟!.
فما هي أمواج هذا البحر ، وما هي تماسيحه الضّارية الشّرسة ؟
(2/24)
إنّها الجهل عن خالق هذا الكون وربّ العالمين ، وعن صفاته العليا ، وأسمائه الحسنى ، والوقوع في حبائل الشرك والوثنيّة ، وعبادة الأصنام ، والاسترسال مع الخرافات والأوهام ، إنّها بلادة حسّ الإنسانيّة ، وذهولها عن نفسها ، وغفلتها عن خالقها وبارئها.
إنّها عبادة المادّة والمعدة ، وتعدّي الحدود ، وانتهاك الحرمات ، وسورة النفس الأمارة بالسوء ، والتهرّب من أداء الواجبات والحقوق ، والإصرار على المنافع والحظوظ.
إنّ أكبر خطر على الإنسانيّة أن يحدث في بنائها خلل ، وتحيد لبنتها الأساسيّة عن مكانها الصحيح ، فينسى الإنسان قيمته ومداركه ، وغاية

(1/613)


ص : 614
حياته ، ويظنّ نفسه ذئبا مفترسا ، أو أفعى ، أو ثعبانا ، فحين يذهل الإنسان عن هذه الحقائق الكبرى يتحوّل بحر هذه الحياة إلى نار متأجّجة ، ولهب مرتفع ، هنالك يزدرد الإنسان أخاه ، ويفترسه ، ولا يحتاج إلى الثعابين ، والعقارب ، والذئاب ، والفهود .. فقد ينقلب الإنسان أكبر ذئب في هذه الغابة الإنسانية .. تخجل أمامه الذئاب ، ويتحوّل شيطانا ماردا ، تستحي منه الشياطين ، هنالك يحترق الإنسان ، ويشوى في ناره التي أشعلها بنفسه ، ولا يحتاج إلى أن يستوردها من الخارج.
في هذه الفترة الرهيبة المظلمة تهبّ نفحة من نفحات الرحمة الإلهيّة ، وتنتعش رفات الإنسانيّة الخامدة الهامدة ، وتزوّدها بملّاحين يجدّفون سفينتها بنجاح ومهارة.
4 - مهمّة النبوة ودورها في الإنقاذ والإسعاد وطبيعة عمل الأنبياء :
وأضرب - لتوضيح مهمّة النبوّة ، وطبيعة عمل الأنبياء - مثلا سوف نفهم به مهمّة النبوّة وموقفها من غير دلائل فلسفية دقيقة.
(2/25)
يحكى أنّ فريقا من تلاميذ المدارس ركبوا سفينة للنزهة في البحر ، أو للوصول إلى البرّ ، وكان في النفس نشاط وفي الوقت سعة ، وكان الملّاح المجدّف الأميّ خير موضوع للدعابة والتّندّر ، وخير وسيلة للتلهّي ، وترويح النفس ، فخاطبه تلميذ ذكيّ جريء ، وقال : يا عمّ ، ماذا درست من العلوم ؟ قال الملّاح : لا شيء يا عزيزي!
قال : أما درست العلوم الطبيعيّة يا عمّي ؟
قال : كلّا وما سمعت بها.

(1/614)


ص : 615
وتكلّم أحد التلاميذ ، فقال : ولكنّك لا بدّ درست الأقليدس والجبر والمقابلة!
قال : وهذا أغرب ، وتصدّقون أنّي أوّل مرّة أسمع هذه الأسماء الهائلة الغريبة.
وتكلّم ثالث «شاطر» فقال : ولكنّي متأكّد من أنّك درست الجغرافية والتاريخ ؟
فقال : هل هما اسمان لبلدين ، أو علمان لشخصين ؟
وهنا لم يملك الشباب نفوسهم المرحة ، وعلا صوتهم بالقهقهة ، وقالوا : ما سنّك يا عمّ ؟
قال : أنا في الأربعين من سنّي.
قالوا : ضيّعت نصف عمرك يا عمّنا.
وسكت الملّاح الأمّيّ على غصص ومضض ، وبقي ينتظر دوره والزمان دوّار.
وهاج البحر وماج ، وارتفعت الأمواج ، وبدأت السفينة تضطرب والأمواج فاغرة أفواهها لتبتلعها ، واضطرب الشباب في السفينة - وكانت أوّل تجربتهم في البحر - وأشرفت السفينة على الغرق.
وجاء دور الملّاح الأميّ ، فقال في هدوء ووقار : ما هي العلوم التي درستموها يا شباب ؟
وبدأ الشباب يتلون قائمة طويلة للعلوم والآداب التي درسوها في الكليّة ، ويتوسّعون فيها في الجامعة ، من غير أن يفطنوا لغرض الملّاح الجاهل ، الحكيم ، ولمّا انتهوا من عدّ العلوم المرعبة أسماؤها ، قال في

(1/615)


ص : 616
وقار تمزجه نشوة الانتصار : لقد درستم يا أبنائي هذه العلوم الكثيرة ، فهل درستم علم السّباحة ؟ وهل تعرفون إذا انقلبت هذه السفينة - لا قدّر اللّه - كيف تسبحون وتصلون إلى الساحل بسلام ؟
(2/26)
قالوا : لا واللّه يا عمّ ، هو العلم الوحيد الذي فاتتنا دراسته والإلمام به.
هنالك ضحك الملّاح وقال : إذا كنت ضيّعت نصف عمري ، فقد أتلفتم عمركم كلّه ، لأنّ هذه العلوم لا تغني عنكم في هذا الطوفان ، إنّما كان ينجدكم العلم الوحيد ، هو علم السباحة الذي تجهلونه «1».
هذه مهمّة النبوّة ودورها في إنقاذ البشريّة المشرفة على الغرق ، وهذه طبيعة عمل الأنبياء والرسل ، وامتيازه عن سائر أصناف التعليم والتربية ، والترويح والتسلية ، يمنحون الجيل البشريّ «علم النجاة» ويعلمونه فنّ السباحة ، وتجديف سفينة الحياة.
إنّ التاريخ الإنسانيّ يدلّ دلالة واضحة على أنّه لما غرقت سفينة الحياة لفساد أخلاق الناس ، وسيّئات أعمالهم ، غرقت بكلّ ما فيها من مجموعة بشرية ، ورصيد حضاريّ ، ومحصول فكريّ ، وإنتاج علميّ وفلسفيّ ، وبكلّ ما فيها من روائع الشعر والأدب والبيان ، وأنّ هذه السفينة لم تغرق أبدا من أجل الانحطاط الأدبيّ ، وقلّة المدارس والجامعات ، وفقدان التعليم العالي ، أو من قلّة المال وانخفاض مستوى المعيشة ، إنّها غرقت لأنّ الإنسان أعدّ نفسه للانتحار ، إنّه صار معولا هداما لذلك البناء الذي فيه متاعه وأهله.
___________
(1) القصة مقتبسة من كتاب المؤلف «النبوة والأنبياء في ضوء القرآن» ص (24) من الطبعة السابعة لدار القلم بدمشق.

(1/616)


ص : 617
(2/27)
إنّ التاريخ يدلّنا على أنّ الفكر الإنسانيّ أصيب في كثير من الأحيان بنوبات عصبيّة دفعته إلى التدمير والإبادة ، بدلا من التعمير والبناء ، فقد رأينا مستغربين مأخوذين بالحيرة والدهشة ، ورأينا بأمّ أعيننا ، ونحن لا نكاد نصدّق هذا الواقع لهول المنظر وبشاعة الوضع ، أنّ الإنسان قام يهدم أساسه بكلّ قوّة وحماس ، ذلك الأساس الذي قام عليه صرحه الحضاريّ والفكريّ العظيم ، وظلّ مشتغلا بهذه العمليّة المجنونة بكلّ شوق ورغبة ، كأنّها عملية بنّاءة ومأثرة إنسانية رائعة ، وخدمة ممتازة ، وصار يلحّ على الوقوع في خندق الموت ، وقد تملّكته السامة من الحياة ، واستبدّ به الشوق إلى الهلاك ، كأنّ الحياة عذاب وجحيم ، والهلاك جنة ونعيم.
5 - تصوير العصر الجاهلي وتهيؤه للانهيار والانتحار :
ذلك هو الوضع الذي ساد على العالم في القرن السادس المسيحيّ ، فإننا نجد هناك استعدادات عامة للانتحار الاجتماعيّ العام ، لم يكن النوع البشريّ في ذلك الزمان راضيا بالانتحار فحسب ، بل كان يتساقط عليه ، ويتهالك فيه ، كأنّه نذر به وحلف ، فيريد أن يفي بنذره ولا يحنث في قسمه ، ولقد صوّر القرآن العظيم هذا المنظر وهذا الوضع تصويرا دقيقا ، لا يصوّره أيّ رسّام أو أديب ، أو روائيّ أو مؤرّخ :
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها [آل عمران : 103].
رحم اللّه المؤرّخين ، فإنّهم لم يصوّروا الجاهلية حين سردوا لنا وقائع البعثة المحمديّة تصويرا دقيقا ، وهم معذورون ومأجورون ، مثابون ومشكورون ، فإنّ ذخيرة الأدب واللغة لا تسعفهم كلّ الإسعاف ، الحقيقة أنّ هذا الوضع في قمّة من الهيبة والفظاعة ، وفي منتهى الدّقة والتعقيد ، لا يمكن

(1/617)


ص : 618
(2/28)
وصفه بريشة قلم ، والتعبير عنه بأيّ قدرة بيانيّة ، وصلاحيّة لغوية.
هل كان العصر الجاهليّ - الذي بعث فيه محمد صلى اللّه عليه وسلم - قضية انحطاط اجتماعيّ أو خلقيّ ، هل إنّه كان قضية وثنيّة مجردة ، أو قضيّة خمر وقمار ، وعبث واستهتار ، أو ظلم واستبداد ، قضية قوانين اقتصادية جائرة ، وتعسف الحكام الغاشمين ، هل إنّه كان قضية وأد البنات ، كلّا ، إنّه كان قضية وأد الإنسانية كلّها.
لقد انتهى هذا الدور ، وانقرض هذا الجيل ، وغاب هذا التصوير البشع عن أعين الناس ، فكيف نعيده ونمثّله ، ونجعله حسّيا شاخصا تراه الأبصار ، وتلمسه البنان ، وجلّ ما نستطيع أن نقول : إنّه عصر جاهليّ لا يفهمه حقّ الفهم إلّا من عاش فيه واكتوى بناره ، ولو كان لمصوّر يحاول التصوير يمكن أن يمثّل البشرية في صورة إنسان في غاية الجمال والصّحة ، والأناقة وحسن الهندام ، الإنسان الذي هو نموذج بديع فريد لصنع اللّه الذي أتقن كلّ شيء ، والذي هو محسود الملائكة ، وغاية الخلق ، الذي كلّله اللّه بتاج خلافته ، فصار زينة الوجود ، ولبّ لباب الحقيقة والعرفان ، وبه تحوّلت هذه الأرض الخراب اليباب إلى روضة غنّاء ، وحديقة فيحاء ، ثمّ يصوّر هذا الإنسان يريد أن يقفز في خندق عظيم هائل ترتفع منه ألسنة اللّهب ، وقد تحفّز واستجمع قواه ، وجمع ثيابه ، ورفع رجله في الفضاء فعلا ، وكاد يقع فيه ، وما هي إلا دقائق وثوان حتّى يغيب في هذا الظلام المهيب ، ظلام الموت ، فلعلّ هذا التصوير يصوّر بعض الجانب من العصر الجاهليّ عند بعثة النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم ، وقد أشار القرآن إلى هذه الحقيقة ، فقال في إيجاز وفي إعجاز : وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها [آل عمران : 103] ، وذلك ما شرحه لسان النبوّة بمثال رائع بليغ ، فقال عليه الصلاة والسلام :

(1/618)


ص : 619
(2/29)
«مثلي كمثل رجل استوقد نارا ، فلمّا أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدوابّ التي تقع في النّار يقعن فيها ، وجعل يحجزهنّ ويغلبنه ، فيقتحمن فيها ، فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تقتحمون فيها» ، وقال في آخرها : «فذلك مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلمّ عن النار ، هلمّ عن النار ، فتغلبوني وتقتحمون فيها» «1».
لقد كانت القضيّة الكبرى في هذه القصّة كلّها أن تصل سفينة الإنسانيّة بسلامة اللّه وفي حفظه ورعايته إلى شاطىء النجاة ، لأنّه حين يستوي الإنسان ويعتدل طبعه ، وتتحلّى الحياة بالاقتصاد والاتزان ، تنفعه - إذا - كلّ هذه المشروعات البنائيّة والإنمائيّة ، أو الأدبيّة والعلميّة التي أوتي مواهبها كثير من أصدقاء الإنسانية وأنصارها. ومن هنالك ، فإنّ الإنسانية كلّها مدينة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام - لأنّهم أنقذوها من تلك الأخطار المحدقة التي سلّطت على رأسها كالسّيف المصلت ، ولا يتحرر من منّتهم وفضلهم مشروع علميّ ، ولا تخطيط اجتماعيّ ، ولا مدرسة فكريّة ، أو فلسفيّة.
كما أنّ العالم المعاصر مدين لهم في هذا البقاء والاستمرار ، وجدارة الحياة ؛ لأنّ الإنسان اعترف - أحيانا كثيرة - بلسان حاله ، إن لم يقل بلسان مقاله ، أنّه فقد حقّ البقاء في هذه الأرض ، وأنّه لا يحمل الآن أيّ رحمة وبركة ، وفيض وإفادة ، ودعوة رسالة للإنسانية ، إنّه رفع الدعوى في المحكمة الإلهيّة ضدّ نفسه ، وشهد عليها ، لقد كانت ملفّاته مهيأة للحكم
___________
(1) متفق عليه [أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ، باب الانتهاء عن المعاصي ، برقم (6483) ، ومسلم في كتاب الفضائل ، باب شفقته صلى اللّه عليه وسلم على أمّته ... ، برقم (2284) ، والترمذي في أبواب الأدب ، باب ما جاء في مثل ابن آدم وأجله وماله ، برقم (2874)] من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه.
(2/30)

(1/619)


ص : 620
العادل الأخير ، وقد نصّب الإنسان نفسه لأكبر عقوبة تتصوّر ، بل لعقوبة الإعدام.
ولا عجب في ذلك ، فحينما تتعدّى المدنية حدودها الطبيعية وتخرج من طورها ، وتنسى القيم الخلقيّة كليّا ، أو تكفر بها صراحة وعلنا ، ويتغافل الإنسان عن كلّ غاية نبيلة ، ومقصد شريف ، وعن كل واقع وحقيقة غير الحقائق الماديّة ، وتحقيق ماربه الجسديّة ، وإرواء ظمئه الحيوانيّ ، وحينما يحلّ محلّ القلب الإنسانيّ قلب الذئب والنمر والفهد ، وتتكوّن في جسمه معدة خياليّة أو صناعية ، ونفس أمّارة بالسوء ، لا يقرّ لها قرار ، ولا يضبطها وازع أو رادع ، وحينما تصيب الإنسانيّة نوبة شديدة من الجنون ، يبعث اللّه لها جماعة من الجرّاحين ، أو عصابة من السفاحين ، وتأتي لأورامها المنتفخة سكاكين من ظهر الغيب تقضي عليها ، وتقطع دابرها ، وتستأصل شأفتها.
إنّ فساد المدنيّة وهوسها وجنونها أشدّ من جنون الملكيّة والحكم الشخصيّ ، وأوسع منه شرا لأنّه حين يجنّ جنون شخص ضعيف نحيل واحد يقضّ مضاجع أهل الحارة كلّها ، وينغّص عيشهم الهادى ء. تصور ماذا يحدث في العالم ، إذا جنّ جنون النوع البشريّ أجمع ، وتنخّر هيكل المدنية وتعفّن ، وفسدت طبيعة الإنسانيّة ؟ هل له من رقية أو علاج ؟
إلّا أنّه لم تفسد المدنيّة فحسب في العصر الجاهليّ ، بل تفسّخت جثتها ، وتعفّنت ، ونشأت فيها ديدان قذرة ، وأصبح الإنسان يقتنص الإنسان ويصطاده ، ويتلذذ بسكراته وشدائده عند الموت ، ويتمتع بحالة الاحتضار ، كما يتمتع أحدنا بمنظر البساتين والأشجار والورود والأزهار ، ويطرب ويهتزّ لاضطرابه وتقلّبه على الحجر ، ويفرح بأنين المصاب والمريض والمنكوب ،

(1/620)


ص : 621
وصراخه وعويله ، كما يفرح بالشراب الهنيء والطعام الشهيّ أو بالمنظر السارّ الجميل.
(2/31)
سرّح طرفك في تاريخ رومة التي تغنّت أوربة - وما تزال - بفتوحها وبطولاتها ، وأمجادها وتشريعها وحضارتها ، تجد نموذجا حيّا للقسوة البشريّة التي بلغت قمّتها في هذا العصر ، يقول «ليكي» في كتابه «تاريخ أخلاق أوربة» يصوّر جانبا من همجيّة الإنسان وضراوته ، ووحشيّته النادرة ، يقول :
«إنّ أكثر المناظر سحرا على نفوس أهل رومة ، وأعظم تسلية ومتعة لهم ، حين كان يسقط الجريح في مبارزة أحد الأبطال من بني جنسه ، أو مصارعة سبع ضار يتشحّط في دمه ، هنالك كان يفلت الزمام ، ويغلب الناس على أمرهم ، ويفقدون رشدهم ، فيتهالك الحشد الحاشد - وفيه النساء والأطفال والشيوخ العجّز - على الدنوّ من هذا المنظر الرهيب ، والإنسان البائس الشقيّ ، وهو من بني جلدتهم وأبناء بلادهم ، ليمتّعوا نفوسهم بمشاهدة احتضاره ، وليرنّ في آذانهم رنين أنينه ، فقد كان أجمل من كلّ غناء وموسيقا ، وسجع الطيور ، وكان رجال الشّرطة الذين كان من واجبهم المحافظة على النظام ، يقفون مشدوهين مكتوفي الأيدي أمام هذه الموجة العارمة من المتعة الظالمة الآثمة ، لا يملكون من أمرهم شيئا» «1».
لقد كانت قصّة الجاهلية الأولى أنّ حجرها الأساسيّ حاد عن موضعه ، بل تحطّم وتهشّم ولم يبق أمل في إصلاحه ، ووضعه في محلّه الصحيح ، ووقف الإنسان أمام المحكمة الإلهيّة ينتظر الحكم النهائي الأخير في مصيره ، هنالك بعث محمد صلى اللّه عليه وسلم ونادى صوت السماء : وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء : 107].
___________
(1) راجع «تاريخ أخلاق أوربة» للمؤلف الإنجليزي ليكي ، ج 1 ، ص 230.

(1/621)


ص : 622
ب - العالم الجديد في حساب البعثة المحمدية ومنحها
(2/32)
الحقيقة التي لا مراء فيها أنّ هذا الدور الذي نعيشه ، وما يليه من الأدوار التاريخيّة القادمة ، كلّها في حساب البعثة المحمديّة ، ودعوته العامّة الخالدة ، وجهوده المشكورة المثمرة ، لأنّه رفع - أولا - هذا السيف المصلت على رقاب الإنسانيّة الذي كاد يقضي عليها ، ثمّ أغناها بمنح غالية ومعطيات خالدة ، وهدايا طريفة جديدة ، بعث فيها الحيويّة والنشاط ، والهمّة والطموح ، والعزة والكرامة ، والهدف الصحيح ، والغاية النبيلة ، واستهلّ بفضل هذه المنح والمعطيات - عهد جديد من السموّ الإنسانيّ ، والثقافة والمدنيّة ، والربانيّة والإخلاص ، وإنشاء الإنسان وتكوينه الخلقيّ والاجتماعيّ.
منح البعثة المحمديّة الستة ، وأثرها في تاريخ الإنسان :
ونذكر الآن - على سبيل المثال لا الحصر - ستة من معطياته الهامّة ، ومنحه الأساسيّة الغالية التي كان لها الدور الأكبر في توجيه النوع البشريّ ، وإصلاحه وإرشاده ، ونهضته وازدهاره والتي خلقت عالما مشرقا جديدا لا يشبه العالم الشاحب القديم في شي ء.
1 - عقيدة التوحيد النقية الواضحة :
مأثرته الأولى صلى اللّه عليه وسلم أنّه منح الإنسانية عقيدة التوحيد الصافية الغالية : فهي عقيدة ثائرة معجزة ، متدفّقة بالقوة والحياة ، مقلبة للأوضاع ، مدمرة للآلهة الباطلة ، لم تنل ولن تنال الإنسانيّة مثلها إلى يوم القيامة.

(1/622)


ص : 623
هذا الإنسان الذي يحمل دعاوى فارغة ، ومزاعم جوفاء من الشعر والفلسفة والسياسة والاجتماع ، والذي استعبد الأمم والبلاد مرارا كثيرة ، والذي حوّل الأحجار الصمّاء أزهارا عابقة فيحاء ، وفجّر الأنهار من بطون الجبال ، والذي ادّعى الرّبوبيّة أحيانا ، هذا الإنسان كان يسجد لأشياء تافهة لا تضرّ ولا تنفع ، ولا تعطي ولا تمنع : وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج : 73].
(2/33)
وكان يركع أمام أشياء صنعها بنفسه ، ويخافها ، ويرجو منها الخير ، إنّه لم يخرّ ساجدا للجبال والأنهار ، والأشجار والحيوانات ، والأرواح والشياطين ، وسائر مظاهر الطبيعة فحسب ، بل سجد للحشرات والديدان أيضا ، وقضى حياته كلّها بين هواجس ووساوس وبين أخيلة وأوهام ، وأمان وأحلام ، كانت نتيجته الطبيعيّة الجبن والوهن ، والفوضى الفكريّة ، والقلق النفسيّ وفقدان الثقة ، وعدم الاستقرار.
فأغناه صلى اللّه عليه وسلم بعقيدة صافية نقيّة سهلة سائغة ، حافزة للهمم ، باعثة للحياة ، فتخلّص من كلّ خوف ووجل ، وصار لا يخاف أحدا إلا اللّه ، وعلم علم اليقين ، أنّه وحده هو الضارّ والنافع ، والمعطي والمانع ، وأنّه وحده الكفيل لحاجات البشر.
فتغيّر العالم كلّه في نظره بهذه المعرفة الجديدة ، والاكتشاف الجديد ، وصار مصونا عن كلّ نوع من العبوديّة والرقّ ، وعن كلّ رجاء وخوف من المخلوق ، وعن كلّ ما يشتّت ويشوّش الأفكار ، فقد شعر بوحدة في هذه الكثرة ، واعتبر نفسه أشرف خلق اللّه ، وسيد هذه الأرض ، وخليفة اللّه فيها ، يطيع ربّه وخالقه ، وينفّذ أوامره ، ويحقّق بذلك هذا الشرف الإنسانيّ العظيم ، والعظمة الإنسانيّة الخالدة التي حرمتها الدّنيا منذ زمن بعيد.

(1/623)


ص : 624
إنّها البعثة المحمدية التي أتحفت الإنسانية بهذه التحفة النادرة - عقيدة التوحيد - التي كانت مجهولة مغمورة ، مظلومة مغبونة ، أكثر من أيّ عقيدة في العالم ، ثمّ ردّد صداها العالم كلّه ، وتأثرت بها الفلسفات العالمية والدعوات العالميّة كلّها في قليل أو كثير.
(2/34)
إنّ بعض الديانات الكبيرة التي نشأت على الشّرك وتعدّد الآلهة وامتزجت به لحما ودما ، اضطرّت في الأخير إلى أن تعترف - ولو بصوت خافت ، وهمسة في الآذان - أنّ اللّه واحد لا شريك له ، وأرغمت على تأويل معتقداتها المشركة تأويلا فلسفيا يبرّئها من تهمة الشرك والبدعة ، وتجعلها متشابهة بعقيدة التوحيد في الإسلام بقدر ما ، وبدأ رجالها وسدنتها يستحون من الاعتراف بالشّرك ، ويخجلون من ذكره ، وأصيبت هذه الأنظمة المشركة كلّها بمركّب النقص ، والشعور بالصّغار والهوان) xelpmoC ytiroirefnI (فكانت هذه التحفة أغلى التّحف التي سعدت بها الإنسانيّة بفضل بعثته صلى اللّه عليه وسلم.
2 - مبدأ الوحدة الإنسانية والمساواة البشرية :
ومأثرته الثانية العظيمة ، ومنّته الباقية السائرة في العالم ، هو تصوّر الوحدة الإنسانيّة والمساواة البشرية ، كان الإنسان موزّعا بين قبائل وأمم وطبقات بعضها دون بعض ، وقوميّات ضيقة ، وكان التفاوت بين هذه الطبقات تفاوتا هائلا كتفاوت ما بين الإنسان والحيوان ، وبين الحرّ والعبد ، وبين العابد والمعبود ، لم تكن هناك فكرة عن الوحدة والمساواة إطلاقا ، فأعلن النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم بعد قرون طويلة من الصّمت المطبق ، والظلام السائد ذلك الإعلان الثائر ، المدهش للعقول ، القالب للأوضاع : «أيّها الناس إن ربّكم واحد ، وإنّ أباكم واحد ، كلّكم لآدم ، وآدم من تراب ، إنّ أكرمكم عند اللّه

(1/624)


ص : 625
أتقاكم ، وليس لعربيّ على أعجميّ فضل إلّا بالتقوى» «1».
(2/35)
وهذا الإعلان يتضمّن إعلانين ، هما الدّعامتان اللّتان يقوم عليهما الأمن والسلام ، وعليهما قام السلام في كلّ زمان ومكان ، وهما : وحدة الربوبية والوحدة البشريّة ، فالإنسان أخو الإنسان من جهتين ، والإنسان أخو الإنسان مرتين ، مرة «و هي الأساس» لأنّ الربّ واحد ، ومرة ثانية لأنّ الأب واحد يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء : 1] ، يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13].
إنّها كلمات خالدة جرت على لسان النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم في حجّة الوداع ، وحينما قام النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم بهذا الإعلان التاريخيّ العظيم ، لم يكن العالم في وضع طبيعيّ هادىء يسيغ فيه هذه الكلمات الجريئة الصريحة ، ويطيقها.
إنّ هذا الإعلان لم يكن أقلّ من زلزال هائل عنيف ، إنّ هناك أشياء قد تتحمّلها بصورة تدريجيّة ، أو من وراء ستار ، مثل التيار الكهربائيّ ، فقد نلمسه إذا كان مغطى ، أو داخلا في باطن الأسلاك ، .. ولكنّنا إذا لمسناه عاريا أصابتنا صدمة عنيفة ، أو قضي علينا بتاتا.
إنّ هذه الأشواط البعيدة ، والمسافات الشاسعة من العلم والفهم ، والفكر الإنسانيّ التي قطعتها الإنسانيّة اليوم بفضل الدعوة الإسلاميّة ، وظهور المجتمع الإسلاميّ ، وبجهود الدعاة ، والمصلحين والمربّين ، جعلت هذا الإعلان الهائل ، الثائر الفائر ، المزلزل لأوكار الجاهلية ، ومعاقل الشرك
___________
(1) كنز العمال (3/ 93) برقم (5652).
(2/36)

(1/625)


ص : 626
والوثنيّة والعنصريّة في العالم ، منها ميثاق حقوق الإنسان retrahC sthgiR namuH الذي حملت لواءه الأمم المتّحدة ، وتصريحات تقوم بها كلّ جمهورية وكلّ مؤسّسة عن الحقوق الإنسانية ، والمساواة الإنسانيّة ، فلا يستغربها أحد.
ولكن أتى على الإنسان حين من الدهر ، سادت فيه عقيدة أشرفيّة بعض الأمم والأسر وكونها فوق مستوى البشر ، وكانت بعض الأسر والسّلالات تعزو نسبها إلى الشمس والقمر ، وإلى اللّه سبحانه : سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً [الإسراء : 43] ، إنّ القرآن حكى لنا قول اليهود والنصارى ، فقال : وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة : 18] ، وكان فراعنة مصر يزعمون أنّهم تجسيد لإله الشمس «ر ع») yaR (ومظهر له.
أمّا في الهند فقد عرفت فيها أسرتان سمّيتا «سورج بنسي» يعني : أبناء الشمس ، و«جندربنسي» أبناء القمر.
أمّا في إيران فقد كانت أكاسرتها يزعمون أنّه يجري في عروقهم الدم الإلهيّ ، وكان أهل البلاد ينظرون إليهم نظرة تقديس وتأليه ، وكان من ألقاب كسرى أبرويز (590 - 628 م) ووصفه : «في الآلهة إنسان غير فان ، وفي البشر إله ليس له ثان ، علت كلمته ، وارتفع مجده ، يطلع مع الشمس بضوئه وينير الليالي المظلمة بنوره» «1».
وكذلك كانت القياصرة آلهة ، فكان كلّ من تملّك زمام البلاد كان إلها ، وكان لقبهم) tsuguA (يعني «المهيب الجليل» «2».
___________
(1) إيران في عهد الساسانيين : ص 604.
(2) راجع العالم الروماني) dlroW namoR ehT (تأليف trapohC rotciV ( ، ص 418.

(1/626)


ص : 627
(2/37)
أمّا الصّينيون فكانوا يعتبرون الإمبراطور ابن السّماء ، ويعتقدون أنّ السماء ذكر والأرض أنثى ، وباتصالهما خلق هذا الكون ، وأنّ الإمبراطور ختا الأول هو بكر هذين الزوجين «1».
أمّا العرب فكانوا يعتبرون كلّ من سواهم «العجم» وكانت قبيلة قريش ترى نفسها أشرف قبائل العرب ، وتحافظ على امتيازها في الموسم ، فلا تشارك الناس في مواقفهم ومساكنهم «2» ، ولم تكن تدخل عرفات «3» مع الحجيج ، بل تبقى في الحرم وتقف بالمزدلفة ، وتقول : نحن أهل اللّه في بلدته ، وقطّان بيته ، وتقول : نحن حمس «4» «5».
3 - إعلان كرامة الإنسان وسموّه :
والمنّة الثالثة العظيمة على النوع البشريّ ، هو إعلان كرامة الإنسان وسموّه ، وشرف الإنسانيّة وعلوّ قدرها : لقد بلغ الإنسان قبل البعثة المحمديّة إلى حضيض الذلّ والهوان ، فلم يكن على وجه الأرض شيء أصغر منه وأحقر ، وكانت بعض الحيوانات «المقدّسة» وبعض الأشجار «المقدّسة» التي علقت بها أساطير ومعتقدات خاصة أكرم وأعزّ عند عبّادها ، وأجدر بالصيانة ، والمحافظة عليها من الإنسان ، ولو كان ذلك على حساب قتل الأبرياء ، وسفك الدماء.
___________
(1) انظر «تاريخ الصين» بقلم جيمس كاركون.
(2) انظر كتب الحديث والسيرة.
(3) عرفات خارج الحرم.
(4) [و الحمس : قريش وما ولدت ].
(5) [أخرجه البخاري في كتاب الحج ، باب التعجيل إلى الموقف ، برقم (1665) ، ومسلم في كتاب الحج ، باب في الوقوف ، وقوله تعالى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ. برقم (1219) ، من حديث عائشة رضي اللّه عنها].

(1/627)


ص : 628
وكانت تقدّم لها القرابين من دم الإنسان ولحمه من غير وخز ضمير وتأنيب قلب ، وقد رأينا بعض نماذجها وصورها البشعة في بلاد متقدّمة راقية ، كالهند في القرن العشرين.
(2/38)
فأعاد سيّدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم إلى الإنسانيّة كرامتها وشرفها ، وردّ إليها اعتبارها وقيمتها ، وأعلن أنّ الإنسان أعزّ وجود في هذا الكون ، وأغلى جوهر في هذا العالم ، وليس هنا شيء أشرف وأكرم ، وأجدر بالحبّ ، وأحقّ بالحفاظ عليه من هذا الإنسان ، إنّه رفع مكانته حتى صار الإنسان خليفة اللّه ونائبه ، خلق له العالم ، وهو خلق للّه وحده ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة : 29] ، وأنّه أشرف خلق اللّه ، وفي مكان الرئاسة والصدارة :
* وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا [الإسراء : 70].
وليس أدلّ على كرامته والاعتراف بعظمته من قوله : «الخلق عيال اللّه ، فأحبّ النّاس إلى اللّه من أحسن إلى عياله» «1».
وليس هنا أبلغ في الدلالة على سموّ الإنسانيّة ، والتقرّب إلى اللّه بخدمتها ، والعطف عليها ، من الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي اللّه عنه - عن النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال :
«إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول يوم القيامة : يابن آدم ، مرضت فلم تعدني!.
قال : يا ربّ كيف أعودك وأنت ربّ العالمين ؟
___________
(1) [أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 356) برقم (5541) عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه ].

(1/628)


ص : 629
قال : أما علمت أنّ عبدي فلانا مرض فلم تعده! أما علمت أنّك لو عدته لوجدتني عنده.
يابن آدم ، استطعمتك فلم تطعمني!
قال : يا ربّ كيف أطعمك وأنت ربّ العالمين ؟
قال : أما علمت أنّه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ، أما علمت أنّك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي.
يابن آدم ، استسقيتك فلم تسقني.
قال : يا ربّ كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين ؟
(2/39)
قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما علمت أنّك لو سقيته لوجدت ذلك عندي» «1».
هل يتصوّر إعلان أوضح وأفصح بسموّ إنسانيته ، وعلوّ مكانة الإنسان من هذا الإعلان ؟
وهل فاز الإنسان بهذه المكانة السامقة والشرف العالي في أيّ ديانة وفلسفة في العالم القديم والحديث ؟.
إنّه صلى اللّه عليه وسلم جعل الرحمة على بني آدم الشرط اللازم لجلب رحمة اللّه ، فقال عليه السلام : «الرّاحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» «2».
___________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه [في كتاب البر والصلة ، باب فضل عيادة المريض ، برقم (2569)].
(2) أخرجه أبو داود [في كتاب الأدب ، باب في الرحمة ، برقم (4931) ، والترمذي في أبواب البر والصلة ، باب ما جاء في رحمة الناس ، برقم (1924) من حديث عائشة رضي اللّه عنها ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ].

(1/629)


ص : 630
ترى ما كان عليه وضع العالم ، وحالته الاجتماعيّة والسياسية ، قبل أن ينهض النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم بهذه الدعوة ، دعوة الوحدة الإنسانيّة ، والكرامة الإنسانيّة ، ويجاهد في سبيلها أبلغ جهاد ؟
لقد كان ثمن شهوة فرد واحد ، وهوى شخص واحد قبل بعثته صلى اللّه عليه وسلم أكبر ، وأغلى من أرواح الآلاف ومئات الآلاف من البشر ، ينهض ملك واحد ، وإمبراطور واحد ، يكتسح البلاد ، ويستعبد العباد ، ويضرب الرقاب ، ويهلك الحرث والنسل ، ويأتي على الأخضر واليابس ، لتحقيق مأرب حقير في نفسه.
ويزحف الإسكندر حتّى يبلغ الهند ، ويدمّر في طريقه حضارات ومدنيّات ، وينهض شرّه ويقتنص الفئات البشريّة ، كما يقتنص أحدنا حيوانات الغابة.
واندلعت في زماننا حربان عالميتان ذهب ضحيتهما ملايين ، ولم يكن ذلك إلا نتيجة صلف قوميّ ، وأنانية فردية ، وشهوة الحكم ، والسّيطرة على الأسواق التجاريّة العالمية.
(2/40)
4 - محاربة اليأس والتشاؤم ، وبعث الأمل والرجاء ، والثقة والاعتزاز في نفس الإنسان :
المأثرة الرابعة أنّ أكثر أفراد النوع الإنسانيّ كانوا مصابين باليأس من رحمة اللّه ، وبسوء الظنّ بالفطرة الإنسانية السليمة ، وكان في إيجاد هذا الجوّ الخاصّ ، والحالة العقلية الخاصة دور كبير لبعض الديانات الشرقيّة القديمة ، والمسيحية المحرّفة في أوربة ، وفي الشرق العربي.
فقد دانت الديانات القديمة في الهند بعقيدة التناسخ ، وفلسفته التي

(1/630)


ص : 631
لا مجال عندها في إرادة الإنسان وتصرّفه مطلقا ، وأنّ كلّ إنسان مضطرّ لا محالة لنيل عقوبة ما ، لما قدّمت يداه في حياته الأولى ، وذلك بالظهور في شكل سبع مفترس ، أو دابّة سائمة ، أو حيوان خسيس ، أو إنسان شقيّ معذّب.
بينما نادت المسيحيّة بأنّ الإنسان عاص ومذنب بالولادة والفطرة ، والمسيح صار كفّارة وفداء له عن هذه الذنوب ، فأنشأت هذه العقيدة - بطبيعة الحال - في نفوس الملايين في العالم المتمدّن المعمور الذين اعتنقوا المسيحيّة سوء ظنّ بنفوسهم ، ويأسا عن مستقبلهم ، وعن الرحمة الإلهية.
هنالك أعلن النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم بكلّ قوّة وصراحة ، أنّ فطرة الإنسان هي كاللوح الصافي ، الذي لم يكتب عليه بعد ، ويمكن أن ينقش فيه أروع نقش ، ويحرر فيه أجمل تحرير ، وأنّ الإنسان يستهلّ حياته بنفسه ، ويستحقّ الثواب والعقاب ، والجنة والنار بعمله ، وهو غير مسؤول عن عمل غيره.
فقد ذكر القرآن في مواضع كثيرة ، أنّ الإنسان مسؤول عن عمله فحسب ، وأنّه مثاب ومشكور على سعيه : أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (40) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى [النجم : 38 - 41].
(2/41)
هذا الإعلان أعاد إلى الإنسان ثقته المفقودة بفطرته ومواهبه الطبيعيّة ، وانطلق إلى الأمام بعزم قويّ ، وحماس زائد ، وعاطفة جياشة ليصنع مصيره ومصير الإنسانيّة ، ويجرّب حظّه وقدرته في تلك الإمكانيات الهائلة ، والفرص الغالية.
إنّ محمّدا صلى اللّه عليه وسلم قرر أنّ المعاصي والذنوب ، والأخطاء والزلّات فترة عابرة زائلة في حياة الإنسان ، يقع فيها الإنسان بجهله وغروره ، وقصر نظره حينا ، وبإغواء الشيطان ، وإغراء النفس بعض الأحيان ، وأنّ الصلاح والصلاحية ،

(1/631)


ص : 632
والاعتراف بالذنب ، والندامة أصل من أصول فطرته ، وجوهر إنسانيته ، وأنّ الابتهال إلى اللّه ، والتضرّع إليه ، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى الذنب دليل على شرف الإنسان ، وأصالة معدنه ، وهو ميراث آدم عليه السلام.
إنّ محمّدا صلى اللّه عليه وسلم فتح أمام المذنبين الخطّائين - الغارقين في حمأة المعصية والرذيلة إلى آذانهم - بابا واسعا للتوبة ، ودعا إليها الناس دعوة عامّة ، وشرح فضل التوبة شرحا وافيا ، وأفاض فيه إفاضة نستطيع بها القول بأنّه أحيا هذا الركن الخاصّ العظيم من الدين ، ولذلك سمّي «بنبيّ التوبة» من بين أسمائه الجميلة الآخرى ، لأنّه ما دعا إلى التوبة كوسيلة اضطرارية يتدارك بها الإنسان ما فاته فحسب ، بل إنّه رفع من شأنها حتّى صارت من أفضل العبادات ، والقربات عند اللّه ، وصارت طريقا سهلا للوصول - في أقرب وقت - إلى أقصى درجات القرب والولاية ، يغبط عليها النّسّاك والزهاد ، والأبرياء والأطهار من عباد اللّه.
(2/42)
إنّ القرآن شرح فضل التوبة وسعتها ، ونقاء الإنسان من أكبر ذنب وأعظم معصية يتصورها الإنسان ، وذلك بأسلوب جميل يستهوي القلوب ، ودعا العصاة والمذنبين ، وصرعى النفس والشيطان إلى اللجوء إلى اللّه سبحانه ، والفرار إليه ، والتفيّؤ بظلال رحمته ، والترامي في أحضان رأفته وعطفه ، وصوّر بحار رحمته الزاخرة ، الواسعة الأرجاء ، المحيطة بالأنفس والآفاق ، تصويرا رائعا جميلا ، شائقا مثيرا ، يبدو منه أنّ اللّه سبحانه وتعالى ليس حليما رحيما ، وجوادا كريما فحسب ، بل إنّه - إذا صحّ هذا التعبير - يحبّ التوابين ، ويشتاق إليهم ، ويشكر سعيهم البليغ ، ويقدّره كلّ التقدير ، اقرأ الآيات التالية ، وتذوّق أسلوب هذا اللطف والعطف ، وجوّ الودّ الذي يغشى هذه الآيات :

(1/632)


ص : 633
* قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر : 53].
وأكثر من ذلك وأروع ما نجد في الآية التالية ، حيث ذكر اللّه سبحانه جماعات مختلفة من عباده الصالحين ، فاستهلّ هذه القائمة المشرقة النورانيّة بالتائبين ، إنّها آية من سورة «التوبة» [112] :
التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.
(2/43)
هذا التكريم وتبرئة العبد التائب من ذنبه ، وإظهار الثقة به تجلّى واضحا حين أعلن القرآن قبول توبة ثلاثة من أصحاب النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك «1» من غير عذر صحيح مقبول ، وبقوا في المدينة ، فبدأ القرآن بذكر النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ، الذين لم يتخلفوا عن هذه الغزوة ، ثمّ ثنّى بهؤلاء الثلاثة الذي تخلّفوا ، حتّى لا يشعر هؤلاء المخلّفون بإفرادهم بالتوبة ويكونوا بمعزل عن الشعور بالهوان ، وما يسمّى في علم النفس «بمركب النقص» ، ويتّضح للمؤمنين إلى يوم القيامة أن مكانتهم الطبيعيّة في الصف الأول من الصادقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، فلا داعي للاستحياء ، ولا مكان للعار.
هل هناك مثال أروع وأجمل ، وأدقّ وأعمق ، وأحلى وأزهى لقبول التوبة ، وتكريم التائب ، ومسح غاشية الكابة عنه بلطف وودّ ، وحبّ وحنوّ
___________
(1) اقرأ للتفصيل كتب السيرة ، والتفسير ، والحديث ، «غزوة تبوك» وقد مرت القصة في هذا الكتاب في موضعها في الفصل الخامس ، ص (492).

(1/633)


ص : 634
في تاريخ الأديان ، والأخلاق ، والتربية والإصلاح ، من هذا المثال ؟!
اقرأ معي الآيات التالية :
لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة : 117 - 118].
(2/44)
ثمّ أعلن أيضا كمبدأ عامّ أنّ رحمة اللّه تسع كلّ شيء ، وتسبق غضبه وجلاله ، يقول القرآن : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ [الأعراف : 156].
وجاء في حديث قدسيّ : «إنّ رحمتي سبقت غضبي» «1» إنّه جعل اليأس مرادفا للكفر والجهل والضلال ، وبين ذلك على لسان يعقوب عليه السلام :
إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ [يوسف : 87] ، وذكر في موضع آخر قول إبراهيم - عليه السلام - فقال : وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر : 56].
وهكذا أسعف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم بهذه الدعوة المفتوحة العامّة إلى التوبة وبيان فضائلها ، وسعتها وشمولها الإنسانيّة المذعورة الخائفة التي كانت تئنّ تحت وطأة اليأس ، والقنوط ، وترتعد فرائصها بإنذارات العقاب والعذاب ، ومظاهر الغضب والجلال «2» ، ومنحها فرصة جديدة جميلة من الحياة ، ونفخ
___________
(1) [أخرجه البخاري في كتاب التوحيد ، باب «و كان عرشه على الماء ..» برقم (7422) ، والنسائي في السنن الكبرى (4/ 417 - 418) برقم (7751 - 7757) وأبو يعلى في المسند (11/ 316) برقم (6432) من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه ].
(2) وقد كان في ذلك لعلماء اليهود ، وشرّاح الكتب المقدّسة ، ورهبان المسيحية الغلاة -

(1/634)


ص : 635
في قلبها الضعيف المتواني ، وجسدها الهامد البارد روحا جديدة ، وحرارة جديدة ، وهيّأ لجروحها بلسما ، ورفعها من حضيض التراب إلى أوج العزّة والسيادة ، والثقة والاعتزاز ، والاعتداد بالنفس ، والاعتماد على اللّه.
5 - الجمع بين الدين والدنيا ، وتوحيد الصفوف المتنافرة ، والمعسكرات التجارية :
(2/45)
لقد وزّعت الديانات القديمة - خاصّة المسيحية - الحياة الإنسانية في قسمين : قسم للدين ، وقسم للدنيا ، ووزّعت هذا الكوكب الأرضيّ في معسكرين : معسكر رجال الدين ، ومعسكر رجال الدنيا ، وما كان هذان المعسكران منفصلين فحسب ، بل حال بينهما خليج كبير ، ووقف بينهما حاجز سميك ، وظلّا متشاكسين متحاربين.
وكان كلّ واحد يعتقد أنّ هناك خصومة وعداء بين الدين والدنيا ، فإذا أراد إنسان أن يتصل بأحدهما ، لزم عليه أن يقطع صلته بالآخر ، بل أن يعلن الحرب عليه ، فلا يمكنه - على حدّ قولهم - أن يركب سفينتين في وقت واحد ، وأنّه لا سبيل إلى الكفاح الاقتصاديّ ورخائه من غير غفلة عن الدار الآخرة ، وإعراض عن فاطر السموات والأرض ، ولا بقاء لحكم أو سلطة من غير إهمال التعاليم الدينيّة والخلقيّة ، والتجرّد عن خشية اللّه ، ولا إمكان للتديّن من غير رهبانيّة ، وقطع الصلة عن الدنيا وما فيها.
المعلوم المقرّر أنّ الإنسان محبّ لليسر ، مجبول عليه ، وكلّ فكرة دينيّة لا تسمح بالاستمتاع المباح ، والنهضة ، والعزّة ، والحصول على القوة والحكم ، لا تصلح للنوع البشريّ في الغالب ، إنّه صراع مع الفطرة
___________
- المتطرّفين أكبر نصيب في ذلك.

(1/635)


ص : 636
السليمة ، وكبت للغرائز الطبيعيّة البريئة في الإنسان ، وكانت نتيجة هذا الصراع أنّ العدد الأكبر من أصحاب الفطنة والذكاء ، والكفاءات العلميّة ، آثر الدّنيا على الدين ، ورضي بها - كحاجة اجتماعيّة ، وواقع حيّ - واطمأنّ إليها ، وعكف على تحسين هذه الحياة ، والحصول على ملذّاتها ، ولم يبق له أمل في الرقيّ الدينيّ ، والتقدّم الروحيّ.
(2/46)
وأكثر الذين هجروا الدين بصورة عامّة ، هجروه على أساس التناقض الذي حسبوه حقيقة بديهية مسلّمة ، وثار البلاط الذي كان يتزعّم الحكم الدنيويّ على الكنيسة التي كانت تمثّل الدين ، وتجرّد عن سائر قيوده ، فصارت الحكومات - بطبيعة المنطق - كفيل هائج مائج ، تخلّص من سلاسله وقيوده ، أو كجمل هائم ، حبله على غاربه ، هذا الانفصال النكد بين الدين والدنيا ، وذلك العداء المشؤوم بين «رجال الدين ورجال الدنيا» فتح الباب على مصراعيه للإلحاد واللادينية ، وكانت فريسته الغرب أولا ، والأمم التي دانت له في الفكر والعلم والثقافة ، أو عاشت تحت رايته ثانيا.
وزاد الطّين بلّة دعاة المسيحيّة المتطرّفون والمفرطون ، الذين كانوا يعتبرون الفطرة البشريّة أكبر عائق في التزكية الروحية والاتصال بالسماء ، والذين لم يدّخروا وسعا في إذلالها وتعذيبها بأنواع من الأحكام القاسية والتعاليم الجائرة «1» وقدّموا صورة وحشيّة كالحة مفزعة للدين ، تقشعرّ منها جلود الذين آمنوا ، وآل الأمر في نهاية الشوط إلى تقلّص ظلّ الدين ، وبلغت عبادة النفس والهوى - في أوسع معناها - إلى ذروتها ، وأصبحت الدّنيا تتأرجح بين طرفي نقيض ، ثمّ سقطت أخيرا بضعف الوازع الدينيّ ، أو فقدان
___________
(1) انظر «تاريخ أخلاق أوربة» ، ج 2 ، لمؤلّفه ليكي.

(1/636)


ص : 637
الحاسّة الدينية في هوّة عميقة من اللادينية ، والفوضى الخلقيّة العامة «1».
وأعظم هديّة للبعثة المحمديّة ، ومنّتها العظيمة نداؤها الذي دوّت به الآفاق أنّ أساس الأعمال والأخلاق ، هو الهدف الذي ينشده المرء ، والذي عبّر عنه الشارع بلفظ مفرد بسيط ، ولكنّه واسع عميق «النية» ، فقال : «إنّما الأعمال بالنّيات ، وإنّما لكلّ امرىء ما نوى» «2».
(2/47)
وإنّ كلّ عمل يقوم به الإنسان ابتغاء مرضاة اللّه ، وبدافع الإخلاص ، وامتثال أمره وطاعته ، هو وسيلة إلى التقرّب إلى اللّه ، والوصول إلى أعلى مراتب اليقين ، ودرجات الإيمان ، وهو دين خالص لا تشوبه شائبة ، ولو كان هذا العمل جهادا وقتالا وحكما وإدارة ، وتمتعا بطيّبات الأرض ، وتحقيقا لمطالب النفس ، وسعيا لطلب الرزق والوظيفة ، واستمتاعا بالتسلية البريئة المباحة ، والحياة العائلية والزوجية.
وكلّ عبادة وخدمة دينية - بالعكس من ذلك - تعتبر دنيا إذا تجرّدت من طلب رضا اللّه سبحانه ، والخضوع لأوامره ونواهيه ، وغشيتها غاشية من الغافلة ، ونسيان الآخرة ، ولو كانت صلوات مكتوبة ، ولو كانت هجرة
___________
(1) اقرأ للتفصيل كتاب «الصراع بين الدين والعلم») ecneicS (noigileR neewteB tcilfnoC (لدرابر) reparD (أو «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» الباب الرابع «العصر الأوربي».
(2) الحديث الصحيح الذي بلغ عند بعض المحدثين حد الاستفاضة والشهرة ، والذي افتتح به الإمام البخاري كتابه «الجامع الصحيح» ، وتمام الحديث : «إنّما الأعمال بالنيات ، وإنّما لكل امرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» (حديث متفق عليه [أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي ، برقم (1) ، وأبو داود في كتاب الطلاق ، باب في ما عني به الطلاق ، برقم (2201) ، وابن ماجه في أبواب الزهد ، باب النية ، برقم (4227) وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ].

(1/637)


ص : 638
وجهادا وذكرا وتسبيحا وقتالا في سبيل اللّه ، ولا يثاب عليه العامل ، والعالم ، والمجاهد ، والداعي ، بل قد تعود تلك الأعمال والخدمات عليه وبالا ، وتكون بينه وبين اللّه حجابا «1».
(2/48)
إنّ المأثرة الخامسة من ماثر سيّدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم أنّه ملأ هذه الفجوة الواسعة بين الدين والدّنيا ، وجعل هذين المتنافرين المتباعدين ، اللذين عاشا في خصام دائم ، وعداء سافر ، وحقد مستمرّ ، يتعانقان في إلف وودّ ، ويتعايشان في سلام ووئام.
إنّه صلى اللّه عليه وسلم رسول الوحدة ، وبشير ونذير في الوقت ذاته ، إنّه أخذ النوع البشريّ من المعسكرين المتحاربين إلى جبهة موحّدة من الإيمان والاحتساب ، والعطف على البشريّة ، وابتغاء رضوان اللّه ، وعلّمنا هذا الدعاء الجامع ، المعجز الواسع : رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ [البقرة : 201].
إنّه أعلن بالآية القرآنية : إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الأنعام : 162] أنّ حياة المؤمن ليست مجموع وحدات متفرّقة مضادّة ، بل هي وحدة تسيطر عليها روح العبادة والاحتساب ، ويقودها الإيمان باللّه والإسلام لأوامره ، وهي تشمل شعب الحياة كلّها ، وميادين الكفاح كلّها ، وأصناف العمل كلّها ، إذا تحقّق الإخلاص ، وصحّت النيّة ، وأريد بها وجه اللّه ، وكانت على المنهج الصحيح الذي جاء به الأنبياء.
فدلّ ذلك على أنّه رسول الوحدة والوئام والانسجام بالكمال والتمام ، وأنّه البشير والنذير في نفس الوقت ، إنّه قضى على نظرية الانفصال بين الدين
___________
(1) كتب الحديث زاخرة بالآثار الدالة على ذلك. انظر أبواب الإخلاص ، والنية ، والإيمان ، والاحتساب.

(1/638)


ص : 639
(2/49)
والدنيا ، فجعل الحياة كلّها عبادة ، وجعل الأرض كلّها مسجدا ، وأخذ بيد الإنسان من معسكرات متحاربة متصارعة ، إلى جبهة واحدة واسعة من العمل الصالح ، وخدمة الإنسانية النافعة ، وابتغاء مرضاة اللّه ، فترى هناك ملوكا في أطمار الفقراء ، وزهّادا في زيّ الملوك والأمراء ، جبال حلم وينابيع علم ، عبّاد ليل وأحلاس خيل ، من غير تناقض أو صعوبة ، واختلال أو تعسّف.
6 - تعيين الأهداف والغايات وميادين العمل والكفاح :
المأثرة السادسة ، أو الانقلاب السادس الذي أحدثه محمّد صلى اللّه عليه وسلم في الحياة البشرية ، أنّه هدى الإنسان إلى محلّ لائق كريم يصرف فيه قواه ، ورفعه إلى أجواء فسيحة عالية يحلّق فيها.
كان الإنسان قبل البعثة المحمديّة جاهلا لهدفه الحقيقيّ ، لا يدري إلى أين يتّجه ، وإلى أين المصير ؟ وما هو المجال الأفضل والحقيقيّ لمواهبه وطاقاته وجهوده ؟
إنّه وضع لنفسه مقاصد وهمية صناعية ، وحصر نفسه في دوائر ضيقة محدودة ، كانت تستنفد قواه وطاقاته وذكاءه ، وكان المثل الأعلى عنده للرجل الناجح واللامع من يكون أكثر جمعا ومالا ، وأوسع نفوذا وقوة ، متحكّما في أكبر مجموعة من البشر ، وأوسع بقعة من بقاع المعمورة.
كان هناك ملايين لم يزد طموحهم على التمتّع بألوان زاهية ، وأصوات مطربة ، وأطعمة لذيذة ، وأكثر من تقليد البلبل في صوته ، أو الطاووس في لونه ، بل أكثر من مسايرة الماشية والغنم ، والأنعام والدوابّ.
كان هناك آلاف عاشوا دائما بين بلاط الملوك ، وحاشيتهم ، وبذلوا نبوغهم وذكاءهم في التزلّف إلى الأمراء ، والتملّق أمام الأغنياء ، أو الخضوع للجبابرة

(1/639)


ص : 640
والأقوياء ، أو التسلّي بالأدب الفارغ الذي لا قيمة له في الدّنيا والآخرة.
(2/50)
فجاء محمّد صلى اللّه عليه وسلم وجعل غايته الأخيرة الحقيقية ، وهدفه الأعلى المنشود نصب عينيه ، وأرسخ في قلب الإنسان : أنّ المجال الحقيقيّ لجهده واجتهاده ، ومواهبه وأشواقه ، وطموحه وسموّه ، وطيرانه وتحليقه ، هو معرفة فاطر السموات والأرض ، واطلاع على صفاته ، وقدرته وحكمته ، وسعة ملكوت السموات والأرض وعظمتها وخلودها ، والحصول على الإيمان واليقين ، والفوز برضوان اللّه وحده ، والرضا به وبقدره ، والبحث عن وحدة تؤلف بين الأجزاء المتناثرة أحيانا ، والمتناقضة أحيانا أخرى ، وتنمية قواه الباطنة ، ومداركه الروحية للوصول إلى درجات القرب واليقين ، والحثّ على خدمة الإنسانية ، والإيثار والتضحية ، والوصول بذلك إلى مكان لا تصل إليه الملائكة المقربون ، وتلك هي السعادة الحقيقية للإنسان ، ونهاية كماله ، ومعراج قلبه وروحه.

(1/640)


ص : 641
ولادة عالم جديد وإنسان جديد
لقد تغيّرت الدّنيا بعد بعثة النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم بفضل تلك التعاليم السامية ، كما يتغيّر الطقس ، وانتقلت الإنسانية من فصل كلّه جدب وخريف ، وسموم وحميم ، إلى فصل كلّه ربيع وأزهار ، وجنات تجري من تحتها الأنهار ، تغيّرت طباع الناس ، وأشرقت القلوب بنور ربّها ، وعمّ الإقبال على اللّه ، واطّلع الإنسان على طعم جديد لم يألفه ، وذوق لم يجرّبه ، وهيام لم يعرفه من قبل.
(2/51)
انتعشت القلوب الخاوية الضّامرة الباردة الهامدة ؛ بحرارة الإيمان وقوة الحنان ، استضاءت العقول بنور جديد ، وسكرت النفوس بنشوة جديدة ، وخرجت الإنسانيّة أفواجا تطلب الطريق الصحيح ومحلّها الرفيع ، وتحنّ إلى مكانتها السامقة العالية ، فلا ترى أمة من الأمم ، وبلدا من البلاد ، إلا وهو يريد السباق في هذا المضمار ، ويتنافس فيه ، فما ترى العرب والعجم ، ومصر والشام ، وتركستان وإيران ، والعراق وخراسان ، وشمالي إفريقية ، والأندلس وبلاد الهند ، وجزائر شرق الهند ، إلّا سكارى هذا الحبّ العلويّ ، والفيض السماويّ ، وعشّاق هذا الهدف السامي ، وفقراء على هذا الباب العالي.
كان يبدو أنّ الإنسانية أفاقت واستيقظت ، وفتحت عيونها بعد سبات عميق طويل ، دام قرونا طويلة ، فأرادت أن تتدارك ما فاتها حتّى عمر كلّ جزء

(1/641)


ص : 642
من أجزائها ، وكلّ ركن من أركانها بدعاة ربانيّين مخلصين ، مجاهدين مصلحين ، مربّين ، عارفين باللّه ، متحرّقين لخلق اللّه ، باذلين أنفسهم ونفيسهم لخير الإنسانيّة ، وإنقاذها من الخطر المحدق بها من كلّ جانب ، رجال تحسدهم الملائكة ، فأشعلوا مجامر القلوب الباردة ، وأزكوا شعلة الحبّ الإلهيّ ، وفجّروا أنهار العلوم والآداب ، والحكم والمعارف ، وفتحوا ينبوعا فياضا ، متدفّقا من العلم والعرفان ، والإيمان والحنان ، وأنشؤوا في نفوس البشر مقتا شديدا للظلم والجور ، والعدوان والبغضاء ، ولقّنوا الشعوب المضطهدة ، المهانة الذليلة ، دروس المساواة ، وضمّوا المنبوذين والمهجورين ، والمساكين الذين لفظهم المجتمع ، وطردهم أهلهم وعشيرتهم ؛ إلى صدورهم العامرة بالحب والحنان ، إنّك تجد آثارهم ، وتلمس آياتهم على كلّ جزء من أجزاء البسيطة كمواقع القطر ، لا يخلو منها بيت وبر ، ولا مدر.
(2/52)
وانظر في جوهر أعمالهم وكيفيّتها) ytilauQ (فضلا عن كميّتها) ytitnauQ (وشاهد سموّ أفكارهم ، وتحليقها في أجواء وآفاق رفيعة ، وانظر شعورهم المرهف ، وروحهم اللطيفة الوادعة الرقيقة ، وذكاءهم الوقّاد ، وطبعهم السليم ، وكيف كانوا يتوجّعون للإنسانية ويذوبون لها كالشمعة ، وكيف كانت نفوسهم وأرواحهم تتلوى وتذوب في نار الأسى والإشفاق ، والعطف على الخلق ، والحرص على ما فيه نفعه وصلاحه ، كيف كانوا يقعون في المهالك ، ويرحّبون بالخسائر لإنقاذ الناس ، ودفع البلاء عنهم ، كيف كان حكامهم وولاة أمورهم ، يصرّفون الأمور ، ويشعرون بالمسؤوليّة ، يعسّون بالليل ويرابطون على الثغر ، وكيف كان الشعب منسجما معهم ، مطيعا لأوامرهم.

(1/642)


ص : 643
واقرأ - أيضا - أخبار عبادتهم ، وزهدهم ، وحالتهم في الدعاء ، ومكارم أخلاقهم ، وشهادتهم على نفوسهم ، واحتسابهم لها ، وحبّهم للصغار ، والضعفاء ، ولين قلوبهم مع الإخوان والأصدقاء ، وكرمهم وسماحهم ، وعفوهم وصفحهم عن الأعداء ، وسوف ترى أنّ أحلام الشعراء والأدباء ، وخيالهم الخصيب ، وقريحتهم الفياضة ، لا تصل إلى تلك القمّة العالية التي وصل إليها هؤلاء في عالم الحقيقة والواقع ، ولو لا تواتر ما جاء في هذا الباب واستفاضته ، ولو لا شهادات التاريخ الموثوق بها ، بدت هذه الأخبار كقصص وأساطير نسجها الخيال.
إنّ هذا الانقلاب العظيم ، والدور الزاهر الجديد معجزة من معجزات محمّد صلى اللّه عليه وسلم ومأثرة من ماثر بعثته ، ونفحة من نفحات الرحمة الإلهية التي عمّت الأمكنة كلّها ، والأزمنة كلّها ، وصدق اللّه العظيم :
وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء : 107].

(1/643)


ص : 645
جداول الغزوات والسّرايا والأحداث المتعلّقة بالسّيرة النبوية «1»
___________
(2/53)
(1) هذه إضافة المحقّق إلى الكتاب من «رحمة للعالمين» للقاضي محمد سليمان سلمان المنصور فوري.

(1/645)


ص : 646
أ - الغزوات
الملحق رقم (1)
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
1 غزوة ودان وهي غزوة الأبواء ، وقعت في صفر المظفر سنة 2 ه 70 النبي صلى اللّه عليه وسلم عاهد عمرو بن مخشي الضمري على ألا يعين قريشا ولا المسلمين.
2 غزوة بواط ، وقعت في ربيع الأول سنة 2 ه 200 النبي صلى اللّه عليه وسلم 100 أمية بن خلف بلغ إلى بواط من ناحية رضوى ثم رجع إلى المدينة ، لقي في الطريق قريشا وأمية. رضوى : اسم جبل بالقرب من ينبع.
3 غزوة سفوان أو غزوة بدر الأولى ، وقعت في ربيع الأول سنة 2 ه 70 النبي صلى اللّه عليه وسلم كرز بن جابر الفهري خرج في طلب العدو حتى بلغ صفوان فلم يدركه كان كرز بن جابر قد أغار على مواش لأهل المدينة

(1/646)


ص : 647
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
4 غزوة ذي العشيرة ، وقعت في جمادى الآخرة سنة 2 ه 150 النبي صلى اللّه عليه وسلم وادع بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة. ذو العشيرة موضع بين مكة والمدينة من بطن ينبع.
5 غزوة بدر الكبرى ، وقعت في رمضان سنة 2 ه 313 النبي صلى اللّه عليه وسلم 1000 أبو جهل 22 70 70 انتصر المسلمون على العدوّ. بين بدر ومكة سبعة منازل ، وبين بدر والمدينة ثلاثة منازل لما علم بخروج قريش إلى المدينة ارتحل دفاعا عن المسلمين.
(2/54)
6 غزوة بني قينقاع ، في شوال سنة 2 ه النبي صلى اللّه عليه وسلم قبيلة بني قينقاع تم إجلاؤهم أتوا بالشرّ في المدينة حين كان المسلمون في بدر فأجلوا لذلك
7 غزوة السويق ، في ذي الحجة سنة 2 ه 200 النبي صلى اللّه عليه وسلم 200 أبو سفيان الأموي 2 خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم في طلبه فلم يدركه. بعث أبو سفيان رجالا من قريش إلى المدينة فأتوا ناحية منها

(1/647)


ص : 648
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
فحرّقوا في أصوار من نخل ووجدوا بها رجلين فقتلوهما.
8 غزوة قرقرة الكدر ، أو غزوة بني سليم ، وقعت في محرم الحرام سنة 2 ه 200 النبي صلى اللّه عليه وسلم قبيلة بني غطفان وبني سليم 1 خرج العدو يغزو المدينة فانصرف حين رأى جمعا من المسلمين. أسر عبد اسمه يسار فأطلق سراحه.
9 غزوة ذي أمر ، أو غزوة غطفان أو غزوة أنمار ، وقعت في ربيع الأول سنة 3 ه 450 النبي صلى اللّه عليه وسلم بنو ثعلبة وبنو محارب اجتمعت بنو ثعلبة وبنو محارب للإغارة على المدينة فانصرفوا حين رأوا جمعا من المسلمين. خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم في أصحابه حتى بلغ نجدا وهنا أسلم الذي كان هم بقتل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
10 غزوة أحد ، وقعت في شوال سنة 3 ه 650 راجلا 2800 راجلا 200 راكبا 3000 أبو سفيان الأموي 40 جريحا 70 شهيدا 30 قتيلا لحقت خسارة فادحة بالمسلمين ولكن فشل الكفار نتيجة لرعب أصابهم. بين أحد وبين المدينة ثلاثة أميال كان الأعداء زحفوا من مكة إلى أحد.
11 غزوة حمراء الأسد ، 540 النبي صلى اللّه عليه وسلم 2970 أبو سفيان 2 أبو عزة خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم لما كان الغد من يوم

(1/648)


ص : 649
(2/55)
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
وقعت في 7 من شوال المكرم سنة 3 ه ومعاوية ابن المغيرة مرعبا للعدو. أحد خرج المسلمون إلى معسكر العدو لئلا يغير عليهم ثانية ظانا بهم ضعفا ، أسر رجلان وقتل أبو عزة الشاعر لأنه كان وعد في بدر بأنه لا يظاهر أبدا على المسلمين ثم نقض عهده ، وحث المشركين على المسلمين.
12 غزوة بني النضير ، وقعت في ربيع الأول سنة 4 ه النبي صلى اللّه عليه وسلم قبيلة بني النضير تم إجلاؤهم بأنهم همّوا بقتل الرسول صلى اللّه عليه وسلم. كانت بنو النضير في المدينة ولما أرادوا الغدر بالمسلمين. أجلوا إلى أرض خيبر ، وقد وقعت غزوة خيبر جزاء شرهم

(1/649)


ص : 650
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
13 غزوة بدر الأخرى ، وقعت في ذي القعدة سنة 4 ه 1500 راجل ، 10 راكبا 1510 النبي صلى اللّه عليه وسلم 2000 راجل ، 50 راكبا 2050 أبو سفيان الأموي لم تحدث مواجهة. خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل بناحية الظهران أو عسفان ، ولما علم النبي صلى اللّه عليه وسلم بقدومه ، خرج إليه فرجع أبو سفيان فرجع النبي صلى اللّه عليه وسلم أيضا.
14 غزوة دومة الجندل ، في ربيع الأول سنة 5 ه 1000 النبي صلى اللّه عليه وسلم أهل دومة رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل أن يصل إليها ولم يلق كيدا. كان النبي صلى اللّه عليه وسلم سمع باجتماع حاشد بدومة الجندل للإغارة على المدينة فخرج إليها فعلم بكذبه فرجع ووادع عيينة بن حصين في الطريق.
(2/56)
15 غزوة بني المصطلق ، أو المريسيع ، وقعت النبي صلى اللّه عليه وسلم الحارث بن ضرار سيد بني 19 10 انهزم العدو وأطلق الأسرى كلهم. بلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له

(1/650)


ص : 651
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
في شعبان المعظم سنة 5 ه المصطلق وقائدهم الحارث بن أبي ضرار ، فبعث إليهم بريدة الأسلمي يأتيه منها بخبر فعلم بصحته فخرج إليهم فقاتله بنو المصطلق فقط وفر الباقون.
16 غزوة الأحزاب أو الخندق ، وقعت في شوال المكرم أو في ذي القعدة سنة 5 ه 3000 النبي صلى اللّه عليه وسلم 10000 أبو سفيان الأموي وغيره 6 10 انقلب العدو خائبا خاسئا. إن نفرا من اليهود دعوا قريشا والقبائل الأخرى للحرب ضد المسلمين فضرب المسلمون الخندق على المدينة دفاعا عن أنفسهم. فحاصرهم الأعداء شهرا ثم انشمروا راجعين إلى بلادهم.

(1/651)


ص : 652
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
17 غزوة بني قريظة ، وقعت في ذي الحجة سنة 5 ه النبي صلى اللّه عليه وسلم بنو قريظة 4 200 400 من الأعداء من قتل ومنهم من أسر. كان لبني قريظة عقد مع المسلمين فلما أرادوا الغدر أسروا فحكم رسول اللّه رجلا في بني قريظة ليحكم بما أنزل اللّه ، فحكم بقتل أربعمئة رجل حسب التوراة التي كانوا يؤمنون بها وهذا العدد مروي عن جابر في الترمذي وفي مسند الإمام أحمد وسنن الدارمي «1».
___________
(2/57)
(1) أخرجه الترمذي في أبواب السير ، باب ما جاء في النزول على الحكم ، برقم (1582) ، وقال : حديث حسن صحيح. وأخرجه أحمد في المسند (3 350) ، والدارمي في السنن في كتاب السير ، باب نزول أهل بني قريظة على حكم سعد بن معاذ ، (2 238) ، وصحّح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (7 414) وقال : «و اختلف في عدّتهم ، فعند ابن إسحاق أنّهم كانوا ستمئة ، وبه جزم أبو عمرو في ترجمة سعد ابن معاذ ، وعند ابن عائذ من مرسل قتادة وكانوا سبعمئة ، وقال السهيلي : المكثر يقول إنهم ما بين الثمانمئة إلى التسعمئة ، وفي حديث جابر عند الترمذي والنسائي وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمئة

(1/652)


ص : 653
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
18 غزوة بني لحيان ، وقعت في ربيع الأول سنة 6 ه 200 النبي صلى اللّه عليه وسلم بنو لحيان من بطون هذيل تفرق العدو حين علم بقدوم النبي صلى اللّه عليه وسلم إليه. كانت هذه الغزوة لتأديب أهل الرجيع الذين كانوا قتلوا عشرة من الدعاة الأبرياء (انظر رقم 22).
19 غزوة ذي قردة أو الغابة وقعت في ربيع الآخر سنة 6 ه 500 النبي صلى اللّه عليه وسلم مع سلمة بن الأكوع الأسلمي خيل من غطفان تحت قيادة عيينة الفزاري امرأة واحدة 3 1 أغاروا على لقاح لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخرج المسلمون في طلبهم فلحقوا بهم. عدت هذه العصابة من النّهاب على لقاح لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقتلوا رجلا واحتملوا المرأة على اللقاح فخرج رجال من أصحابه في طلبهم ثم لحقهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بهم.
(2/58)
20 غزوة الحديبية في ذي القعدة سنة 6 ه 1400 النبي صلى اللّه عليه وسلم أهل مكة سهيل بن عمرو القرشي تم الصلح بين المسلمين وبين كان النبي صلى اللّه عليه وسلم خرج معتمرا فصدته قريش.
___________
- مقاتل ، فيحتمل في طريق الجمع أن يقال : إن الباقين كانوا أتباعا ، وقد حكى ابن إسحاق أنه قيل : إنهم كانوا تسعمئة».

(1/653)


ص : 654
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
قريش لشعر سنوات ورجع النبي صلى اللّه عليه وسلم. عن البيت في الحديبية التي بينها وبين مكة أربعة عشر ميلا فتم فيها الصلح.
21 غزوة خيبر ، وقعت في محرم الحرام سنة 7 ه 1400 رجل ، 120 امرأة ممرضة 1420 النبي صلى اللّه عليه وسلم 10000 يهود خيبر كنانة ابن أبي الحقيق 50 جريحا 18 93 فتح اللّه للمسلمين فتحا مبينا. سبق لليهود أن قاتلوا المسلمين في أحد والأحزاب ، وكانوا يريدون بعدها غزو المدينة فخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى خيبر فأفسد عليهم نواياهم العدوانية
22 غزوة وادي القرى ، وقعت في محرم الحرام سنة 7 ه 1382 النبي صلى اللّه عليه وسلم اليهود من سكان وادي القرى 11
23 غزوة فتح مكة ، وقعت في رمضان سنة 8 ه 10000 النبي صلى اللّه عليه وسلم قريش مكة 2 12 انتصر المسلمون. اختلف العلماء هل دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم مكة فاتحا أم مصالحا ؟

(1/654)


ص : 655
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
(2/59)
والحقيقة أنه صلى اللّه عليه وسلم كان أمر الجيوش بأن تدخلها ولا تستخدم الأسلحة ما لم تتعرض لها جماعة مسلحة ، فدخلت الجيوش مكة بطرق متفرقة ولم تتعرض لها إلا كتيبة من الجنود ، فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم مكة وجعل الناس كلهم طلقاء لا تثريب عليهم.
24 غزوة حنين أو أوطاس أو هوازن ، وقعت في شوال سنة 8 ه 12000 النبي صلى اللّه عليه وسلم بنو هوازن وبنو ثقيف وبنو معز وبنو أحسم 6 6000 71 انتصر المسلمون. أطلق النبي صلى اللّه عليه وسلم جميع الأسرى دون عوض وأعطاهم الكسوة كذلك.

(1/655)


ص : 656
الرقم المسلسل اسم الغزوة وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
25 غزوة الطائف ، وقعت في شوال سنة 8 ه 12000 النبي صلى اللّه عليه وسلم بنو ثقيف جمع كثير 13 جمع كثير رجع النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد محاصرة دامت شهرا. لما رفع النبي صلى اللّه عليه وسلم عنهم الحصار قدموا عليه وأسلموا.
26 غزوة تبوك ، وقعت في رجب سنة 9 ه 30000 الرسول صلى اللّه عليه وسلم هرقل قيصر الروم قام النبي صلى اللّه عليه وسلم بالتجمع مع أصحابه وأرهب الأعداء ثم رجع إلى المدينة. كان بلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم أن هرقل يريد الإغارة على المدينة ليغسل العار الذي لحقه في وقعة مؤتة ، فخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الثغور فأصاب الذعر الأعداء فقعدوا عن الحرب.
27 غزوة ذات الرقاع ، وقعت في محرم الحرام سنة 7 ه 400 النبي صلى اللّه عليه وسلم بنو غطفان وبنو محارب وبنو ثعلبة وبنو أنمار تفرق العدو. كانت بنو غطفان قد جمعوا جموعا من بني محارب وبني ثعلبة وبني أنمار للإغارة على المسلمين ، فلما قام المسلمون بحشودهم تفرقوا جميعا.

(1/656)


ص : 657
ب - السرايا
(2/60)
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
1 سرية سيف البحر ، وقعت في رمضان سنة 1 ه 30 راكبا حمزة بن عبد المطلب 300 أبو جهل انصرف المسلمون دون قتال. بعثت هذه السرية لدراسة أحوال مكة ، وجد الأعداء أن المسلمين منتبهون فانصرفوا عنهم.
2 سرية الرابغ ، وقعت في شوال سنة 1 ه 60 عبيد بن الحارث «1» 200 عكرمة وأبو سفيان انصرف المسلمون دون قتال. بعثت هذه السرية لتفقد أحوال أهل مكة فرأت جمعا عظيما من قريش بأسفل ثنية المرة
3 سرية ضرار ، وقعت في ذي القعدة سنة 1 ه 80 سعد بن أبي وقاص «2» خرج حتى بلغ الجحفة ثم رجع ولم يلق كيدا.
4 سرية النخلة ، وقعت 12 عبد اللّه بن جحش قافلة تحت أطلق الأسيران وودى أرسلوا لاستطلاع
___________
(1) يوجد ذكره في شهادة كربلا.
(2) هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة الذين جعلهم عمر رضي اللّه عنه أهلا للخلافة ، فاتح فارس ومؤسس الكوفة ، وخاض وقائع كثيرة في سبيل اللّه ، وسابع الستة الذين أسلموا ، توفي سنة 54 ه.

(1/657)


ص : 658
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
5 في رجب سنة 2 ه - سرية عمير بن العدي الخطمي ، وقعت في رمضان سنة 2 ه 1 عمير «1» 1 قيادة بني أمية عصماء بنت مروان قتلت عصماء القتيل قريش فوقع الصدام. قتل عمير أخته التي كانت تحض قومها على الحرب ضد المسلمين.
6 سرية سالم بن عمير الأنصاري ، وقعث في شوال سنة 2 ه 1 سالم «2» الخطمية 1 أبو عفك اليهودي قتل اليهودي كان أبو عفك اليهودي يسنفز اليهود على المسلمين فقتله سالم.
(2/61)
7 سرية قرقرة الكدر ، وقعت في سنة 2 ه غالب بن عبد اللّه الليثي قبيلة بني غطفان وبني سليم 3 قتل عدد من الأعداء وفرّ الباقون. بعثت هذه السرية إكمالا إذ اجتمع الأعداء مرة ثانية.
8 سرية محمد بن مسلمة وقعت في ربيع الأول سنة 3 ه محمد بن مسلمة الأنصاري «3» الخزرجي 1 كعب بن الأشرف اليهودي 1 1 كان كعب بن الأشرف يحرض القبائل من
___________
(1) هو أول من أسلم من بني خطمة ، كان إمام قومه وكانت عيناه ضعيفتين ، والده عدي بن خرشة شاعر شهير.
(2) شهد بدرا وأحدا والخندق ، وكان يبكي خوفا من اللّه. توفي في إمارة معاوية.
(3) هو من كبار الصحابة ، استعمله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مرة على المدينة في غيابه عنها ، كان بمعزل عن الناس أيام الفتنة. توفي سنة 41 ه - بالمدينة وهو ابن سبع وسبعين سنة.

(1/658)


ص : 659
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القنيل النتيجة الملاحظة
اليهود ضد المسلمين ودعا قريشا إلى الحرب فوقعت غزوة أحد.
9 سرية قردة ، وقعت في جمادى الآخرة سنة 3 ه 100 زيد بن حارثة رضي اللّه عنه أبو سفيان الأموي 1 خرج زيد بن حارثة في بعث فتلقى قريشا في طريقهم إلى العراق. أسر فرات بن حيّان دليل القافلة التجارية فأسلم.
10 سرية قطن أو سرية أبي سلمة المخزومي ، وقعت في غرة محرم الحرام سنة 4 ه 150 أبو سلمة المخزومي طلحة ، وسلمة لم يتمكنوا من الإغارة على المدينة بمظاهرة. هو رئيس قطاع الطريق أراد الإغارة على المدينة ولكن المسلمين تظاهروا فوصلوا إلى قطن وهو مسكنه فتفرق جمعه.
(2/62)
11 سرية عبد اللّه بن أنيس وقعت في 5 من محرم الحرام سنة 4 ه 1 عبد اللّه بن أنيس الجهني الأنصاري 1 سفيان الهذلي 1 سمع عبد اللّه بأن سفيان استنفر قوما ضد المسلمين بعرنة فوصل إليها وقتل بها سفيان.

(1/659)


ص : 660
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
12 سرية الرجيع ، وقعت في صفر المظفر سنة 4 ه 10 عاصم بن ثابت أو مرثد بن الغنوي 100 قبيلة عضل والقارة 10 استشهد عشرة من القرّاء. كانت سلامة امرأة طلحة قد جعلت مئة ناقة لمن يقتل عاصما ، فقدم رهط من قبيلتها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واستصحبوا عشرة من القراء فقتلوا منهم ثمانية وباعوا منهم اثنين بمكة فصلبهما أهل مكة وبقي جثمانهما على الخشبة أربعين يوما.
وفي كتب السيرة أنهم كانوا ستة وفي البخاري أنهم كانوا عشرة.

(1/660)


ص : 661
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
13 سرية بئر معونة أو سرية طرز ، وقعت في صفر سنة 4 ه 70 منذر بن عمرو جماعة كبيرة عامر بن مالك 1 69 استشهد تسع وستون من الدعاة. قدم عامر بن مالك على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سبعين رجلا من أصحابه ، فلما نزلوا ببئر معونة غشيتهم قبائل من بني سليم من رعل وذكوان وقتلوهم إلا عمرو بن أمية الضمري فإنه كان في سرح القوم.
(2/63)
14 سرية عمرو بن أمية الضمري ، وقعت في 1 عمرو بن أمية الضمري 2 من قبيلة بني كلاب 2 بما أن عمرو بن أمية الضمري كان قتل وجد عمرو بن أمية الضمري الذي كان

(1/661)


ص : 662
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
ربيع الأول سنة 4 ه رجلين من قبيلتين كان معهما عقد من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ودى بهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. يرجع إلى المدينة من بين السبعين قارئا رجلين في ظلّ فأمهلهما حتى إذا ناما قتلهما يظن أنهما من جماعة القاتلين.
15 سرية عبد اللّه بن عتيك وقعت في ذي القعدة سنة 5 ه 5 عبد اللّه بن عتيك الأنصاري الخزرجي «1» 1 سلام بن أبي الحقيق من يهود خيبر 1 قتل العدو هو الذي تولى تحريض القبائل على المسلمين في غزوة الأحزاب وكان يدعو إلى جميع القبائل فقتله عبد اللّه في مضجعه ليلا.
16 سرية القرطاء ، وقعت في محرم الحرام سنة 6 ه 30 محمد بن مسلمة الأنصاري 30 ثمامة بن أثال 1 أسر ثمامة فأطلقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. رأى محمد بن مسلمة أن ثمامة يذهب إلى
___________
(1) شهد أحدا واستشهد في غزوة اليمامة كانت قدمه قد انكسرت في السرية المذكورة فمسح الرسول صلى اللّه عليه وسلم بيده عليها فبرأت.

(1/662)


ص : 663
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
(2/64)
المدينة فحال دونه فأسره فجاء به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأطلقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأسلم لحسن خلق النبي صلى اللّه عليه وسلم وكان ثمامة سيد نجد.
17 سرية عكّاشة بن محصن أو سرية غمر مرزوق ، وقعت في ربيع الآخر سنة 6 ه 40 عكاشة بن محصن الأسدي «1» بنو أسد تفرق الأعداء ولم تكن المواجهة. أسرت مئتان من الإبل لهم. كان بنو أسد قد أجمعوا الإغارة على المدينة فبعثت إليهم هذه السرية.
18 سرية ذي القصة في ربيع الآخر سنة 6 ه 10 محمد بن سلمة 100 بنو ثعلبة 1 الجريح 9 استشهد تسعة من الدعاة وأصيب محمد ابن مسلمة بجرح. كان عشرة من القراء ذهبوا يبلغونهم وبينما هم نائمون إذ عمد إليهم بنو ثعلبة فقتلوهم.
___________
(1) هو من كبار الصحابة قتله المرتدون في خلافة أبي بكر وهو ابن اثنتين وأربعين سنة ، شهد المشاهد كلها من أحد وبدر وغيرها. كان بشره النبي صلى اللّه عليه وسلم بأنه يدخل الجنة بغير حساب.

(1/663)


ص : 664
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
19 سرية بني ثعلبة ، وقعت في ربيع الآخر سنة 6 ه 40 أبو عبيدة بن الجراح بنو ثعلبة 1 انصرف العدو وغنم المسلمون ما كان لهم من المتاع. بعثت هذه السرية لتصيب بثأر الذين استشهدوا في ذي القصة.
20 سرية الجموم ، وقعت في ربيع الآخر سنة 6 ه زيد بن حارثة بنو سليم الأسرى 10 أسر رجال فأطلقهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وفيهم كان زوج المرأة المخبرة. كانت امرأة يقال لها حليمة قد دلت زيد بن حارثة على محلة من محال بني سليم وقد ذكرنا عدد الأسرى على وجه التقدير.
(2/65)
21 سرية الطرف أو الطرق ، وقعت في جمادى الآخرة سنة 6 ه 15 زيد بن حارثة بنو ثعلبة هرب الأعداء وأصاب المسلمون عشرين بعيرا. بعثت هذه السرية لمعاقبة المجرمين بذي القصة. انظر الرقم (18).
22 سرية وادي القرى ، وقعت في رجب سنة 6 ه 12 زيد بن حارثة سكان وادي القرى 1 جريحا 9 قتل من المسلمين تسعة رجال وجرح واحد. كان زيد بن حارثة ذهب إليهم للجولة

(1/664)


ص : 665
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
فحملوا عليه وعلى أصحابه.
23 سرية دومة الجندل ، وقعت في شعبان سنة 6 ه عبد الرحمن بن عوف الزهري «1» قبيلة بني كلب الأصبغ بن عمرو الكلبي تحقق نجاح ملموس في مجال الدعوة. أسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانيا وأسلم معه ناس كثير من قومه.
24 سرية فدك ، وقعت في شعبان سنة 6 ه 200 علي بن أبي طالب بنو سعد بن بكر هربت بنو سعد وأصاب المسلمون مئة بعير وألفي شاة. بلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر فقام علي بن أبي طالب بالمظاهرة.
25 سرية أم قرفة ، وقعت في رمضان سنة 6 ه أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه بنو فزارة تحت قيادة أم قرفة 2 انهزم العدو. كانت بنو فزارة قد أغاروا على قافلة زيد ابن حارثة التجارية.
___________
(1) هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة جعلهم الفاروق رضي اللّه عنه أهلا للخلافة ، وكان تاجرا كبيرا وغنيا زاهدا أمينا في الأرض وأمينا في السماء. وكان يخدم أمهات المؤمنين بالأموال. جرح في غزوة أحد إحدى عشرة جراحة. صلّى النبي صلى اللّه عليه وسلم وراءه في سفر. توفي سنة 31 ه - وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.

(1/665)


ص : 666
(2/66)
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
بإيعاز من أم قرفة وابنتها معها وهرب الباقون.
26 سرية عبد اللّه بن رواحة وقعت في شوال سنة 6 ه 30 عبد اللّه بن رواحة 30 أسير بن زرام اليهودي. 1 30 وقع الاشتباك لسوء فهم الفريقين فقتل اليهود جميعا. كان عبد اللّه بن رواحة ذهب في ثلاثين من أصحابه إلى أسير ليدعوه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخرج أسير إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ثلاثين رجلا من اليهود فتحامل المسلمون واليهود ليلا لسوء فهم.
27 سرية العرنيين ، وقعت في شوال سنة 6 ه 20 كرز بن جابر الفهري «1» رجال من عكل وعرينة 1 8 قتلوا الراعي واستاقوا الإبل فأسروا ومثل بهم. استوخموا المدينة فشربوا من ألبان الإبل
___________
(1) ينتهي نسبه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من فهر ، كان رئيس الكفار حين وقعت غزوة سفوان ، استشهد يوم الفتح.

(1/666)


ص : 667
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
وأبوالها فصحوا ثم قتلوا يسارا راعي النبي صلى اللّه عليه وسلم واستاقوا الذود.
28 سرية عمرو بن أمية الضمري ، وقعت في شوال سنة 6 ه 1 عمرو بن أمية كان عمرو بن أمية قد جاء إلى مكة ليقتل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأسلم لما قد رأى من حسن خلقه صلى اللّه عليه وسلم. ثم رجع إلى مكة ودعا الناس بها إلى الإسلام ، يقول بعض أعداء الإسلام أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان أمره بأن يقتل أبا سفيان ولكن لا توجد أي رواية بهذا المعنى في الكتب الإسلامية.
(2/67)

(1/667)


ص : 668
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
29 سرية عيص ، وقعت في صفر سنة 7 ه 72 أبو جندل وأبو بصير. قافلة قريش 9 أخذ أموال العدو ثم ردها إليهم بأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم. كان أبو جندل قد أسلم بمكة فأسرته قريش فلبث فيهم حبيسا يدعو الناس إلى الإسلام ، فأسلم على يديه عدد كبير منهم ثم فرّ هو وأصحابه ونزلوا في جبل في الطريق بين مكة والشام ، وقطعوا الطريق على ركب قريش الذي كان فريقا محاربا. فرد النبي صلى اللّه عليه وسلم أموال قريش واستقدم أبا جندل إلى المدينة.

(1/668)


ص : 669
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
30 سرية الكديد ، وقعت في صفر سنة 7 ه 60 غالب بن عبد اللّه الليثي بنو الملوح 1 وقع اشتباك. كانت بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير ابن سويد فبعثت إليهم هذه السرية للتوبيخ.
31 سرية فدك ، وقعت في صفر سنة 7 ه غالب بن عبد اللّه الليثي أهل فدك قتل ناس من العدو.
32 سرية حسمى ، وقعت في جمادى الآخرة سنة 7 ه 50 زيد بن حارثة 102 الهنيد بن عوص الجزري 100 2 انتصر المسلمون وقتل الهنيد مع ابنه وأطلق الباقون بعد توبتهم. كان دحية الكلبي يرجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من عند قيصر بالهدايا والكسوة فلقيه الهنيد في ناس فقطعوا عليه الطريق فبعث زيد بن حارثة إلى قطاع الطريق.

(1/669)


ص : 670
(2/68)
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
33 سرية تربة ، وقعت في شعبان سنة 7 ه عمر بن الخطاب أهل تربة تفرق العدو. بين تربة ومكة منزلان كان أهل تربة قد اصطلحوا مع بني غطفان فقام المسلمون بالمظاهرة في محالهم.
34 سرية بني كلاب ، وقعت في شعبان سنة 7 ه أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه بنو كلاب انتصر المسلمون سبي من الأعداء جماعة وقتل آخرون. كانوا أجمعوا الهجوم على المسلمين مع بني محارب وبني أنمار.
35 سرية الميفعة ، وقعت في رمضان سنة 7 ه غالب بن عبد اللّه الليثي أهل الميفعة وقع اشتباك. كانوا حلفاء أهل خيبر.

(1/670)


ص : 671
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
36 سرية خربة ، وقعت في رمضان سنة 7 ه أسامة بن زيد «1» أهل خربة بينما أسامة وأصحابه يمشون في الطريق إذ هبط إليهم رجل من الجبل فقتله أسامة بعد أن قال : «لا إله إلا اللّه».
37 سرية بن مرة ، وقعت في شوال 7 ه 30 بشير بن سعد بنو مرة بالقرب من فدك. وقع اشتباك. كانوا حلفاء أهل خيبر
38 سرية بشير بن سعد الأنصاري «2» ، وقعت في شوال سنة 7 ه 30 بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري بنو فزارة وعذرة 30 2 أصيب المسلمون كلهم بجروح وأسر للعدو رجلان. كانت بنو فزارة وبنو عذرة قد ساعدوا اليهود في خيبر فبعث إليهم هذه السرية للترويع وكان الغرض منها حشد القوة فقط.
39 سرية بن أبي العوجاء ، 50 بنو سليم 1 49 أصيب ابن أبي العوجاء قام المسلمون بحشد
___________
(2/69)
(1) أسامة كان حبيبا لرسول اللّه ، والدته أم أيمن التي يناديها النبي صلى اللّه عليه وسلم بأمي بعد أمي. والدة زيد بن حارثة الذي يناديه الناس بزيد بن محمد لشفقة النبي صلى اللّه عليه وسلم عليه. توفي سنة 54 ه.
(2) هو العقبى البدري ، وأول من بايع أبا بكر الصديق يوم السقيفة ، استشهد بعين التمر.

(1/671)


ص : 672
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
في ذي الحجة سنة 7 ه ابن أبي العوجاء جرح واستشهد الباقون. قواهم في محالهم لأنهم كانوا يجمعون للإغارة على المدينة.
40 سرية ذات أطلاح ، وقعت في ربيع الأول سنة 8 ه 15 كعب بن عمير الأنصاري الغفاري أهالي ذات أطلح بنو قضاعة 14 استشهد المسلمون جميعا وبرأ واحد منهم. كانوا يجمعون في عدد كبير للإغارة على المسلمين فبعث إليهم كتيبة لتخويفهم فاستشهد المسلمون جميعا لكثرة عدد العدو
41 سرية ذات عرق ، وقعت في ربيع الأول سنة 8 ه 25 شجاع بن وهب الأسدي «1» بنو هوازن أهالي ذات عرق لم يكن اللقاء أصاب المسلمون لعدوهم إبلا. كانت بنو هوازن قد مدوا يد المعونة إلى أعداء المسلمين مرارا وكانوا قد اجتمعوا الآن في عدد كبير على بعد خمسة منازل
___________
(1) هاجر الهجرتين وشهد المشاهد كلها. بعثه النبي صلى اللّه عليه وسلم رسولا إلى الحارث الغساني وجبلة الغساني. استشهد في غزوة اليمامة.

(1/672)


ص : 673
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
من المدينة فاحتشد المسلمون لتخويفهم.
(2/70)
42 سرية مؤتة ، وقعت في جمادى الأولى سنة 8 ه 3000 زيد بن حارثة 100000 شرحبيل الغساني 12 لم نعرف عدد المفقودين انتصر المسلمون. كان شرحبيل قد قتل الحارث بن عمير الأزدي رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوقعت لذلك الحرب. ومع أن الجيش الإسلامي أصيب بخسائر إلا أن ثلاثة آلاف هزموا مئة ألف.
43 سرية ذات السلاسل ، وقعت في جمادى الآخرة سنة 8 ه 500 عمرو بن العاص القرشي السهمي «1» بنو قضاعة ساكنو ذات السلاسل هرب الأعداء بمظاهرة المسلمين. كان جمع من قضاعة قد تجمعوا للإغارة على المدينة. والسبب في جعل عمرو بن العاص أميرا
___________
(1) أسلم في صفة سنة 8 ه ، استعمله النبي صلى اللّه عليه وسلم على عمان ، واستعمله عمر على فلسطين ثم فتح مصر.

(1/673)


ص : 674
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
أنه كان من سكان وادي هذا القوم وكان خبيرا بهذه المنطقة.
44 سرية سيف البحر ، وقعت في رجب سنة 8 ه 300 أبو عبيدة بن الجراح قريش أقام المسلمون على الساحل أياما ثم انصرفوا. كان الغرض من هذه السرية تشتيت همم قريش.
45 سرية محارب ، وقعت في شعبان سنة 8 ه 15 أبو قتادة الأنصاري «1» بنو غطفان ساكنو خضرة الواقعة في نجد هرب العدو خائفا وأصاب المسلمون غنائم. بنو غطفان الذين هجموا مرارا على المسلمين كانوا يتجمعون الآن بخضرة فبعثت إليهم سرية مكوّنة من خمسة عشر رجلا للاستطلاع.
46 سرية خالد ، وقعت في خالد بن الوليد الصنم العزى كانت العزى صنم بني
___________
(2/71)
(1) يلقب بفارس الرسول ، شهد المشاهد كلها زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم وزمن علي رضي اللّه عنه. توفي سنة 20 ه - بالكوفة ، صلى عليه عليّ بسبع تكبيرات.

(1/674)


ص : 675
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
رمضان سنة 8 ه كنانة فحطمها خالد ابن الوليد رضي اللّه عنه.
47 سرية عمرو بن العاص ، وقعت في رمضان سنة 8 ه عمرو بن العاص الصنم سواع كانت سواع صنم بني هذيل فحطمها عمرو ابن العاص رضي اللّه عنه.
48 سرية سعد الأشهلي ، وقعت في رمضان سنة 8 ه سعد بن زيد الأشهلي الأنصاري الصنم مناة كانت مناة صنم قبيلتي الأوس والخزرج فهدمها سعد الأشهلي رضي اللّه عنه.
49 سرية خالد بن الوليد ، وقعت في شوال سنة 8 ه 350 خالد بن الوليد بنو جذيمة 95 قتل خمسة وتسعون رجلا من بني جذيمة ممن كانوا أسلموا ، فكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتلهم وودى بهم الدية. كان خالد بن الوليد بعث داعيا وكانت بنو جذيمة قد أسلموا من قبل فشكّ خالد في إسلامهم وقتل منهم رجالا.

(1/675)


ص : 676
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
50 سرية عيينة بن حصين ، وقعت في محرم سنة 9 ه 150 راكبا عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري «1» قبيلة بني تميم 62 تم القضاء على الثورة. قامت هذه القبيلة بإغراء القبائل التابعة لها ومنعتها عن أداء الجزية ولما خرج إليهم عيينة هربوا فأسر منهم 11 رجلا و21 امرأة و20 ولدا فأطلقهم النبي صلى اللّه عليه وسلم جميعا حين قدم عليه سيدهم.
(2/72)
51 سرية قطبة بن عامر ، وقعت في صفر سنة 9 ه 20 قطبة بن عامر قبيلة خثعم أكثر من نصف أكثرهم تفرقوا وانتشروا. كانوا يدبرون مؤامرة ضد المسلمين فجاء قطبة ببعضهم أسرى فأطلقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
___________
(1) هو رئيس بني فزارة جعله النبي صلى اللّه عليه وسلم مطاعا. كان مجتهدا ولوعا بالجدّ ، قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : زوجتي جميلة لو شئت تزوجتها فأبى النبي صلى اللّه عليه وسلم متبسما.

(1/676)


ص : 677
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
52 سرية الضحاك بن سفيان الكلابي ، وقعت في ربيع الأول سنة 9 ه الضحاك رضي اللّه عنه قبيلة بني كلاب بعث المسلمون إلى بني كلاب داعين فاعترض لهم الكفار فوقع اشتباك ولم نجد عدد أهل السرية في أي كتاب ربما كانوا قليلين.
53 سرية عبد اللّه بن حذافة وقعت في ربيع الأول سنة 9 ه 300 عبد اللّه بن حذافة «1» القرشي السهمي القراصنة من الحثميين هربوا كانوا قد اجتمعوا في ساحل جدة يريدون الإغارة على مكة فتفرقوا حين رأوا هذه السرية.
54 سرية بني طيّىء سنة 9 ه 150 علي المرتضى رضي اللّه عنه بنو طيء أسرت سفانة أطلق النبي صلى اللّه عليه وسلم جميع الأسرى وودّع سفانة
___________
(1) هو رسول رسول اللّه إلى كسرى ، وهو من المهاجرين الأولين الذين هاجروا إلى الحبشة ، وكان ظريف الطبع. وقع في أيدي النصارى أسيرا بعد خلافة عمر رضي اللّه عنه وحاول هرقل أن ينصّره فعصمه اللّه. توفي بمصر.

(1/677)


ص : 678
(2/73)
الرقم المسلسل اسم السرية وتاريخ وقوعها عدد المسلمين اسم القائد عدد الأعداء اسم القائد خسارة المسلمين الجريح أو الأسير الشهيد خسارة العدو الجريح أو الأسير القتيل النتيجة الملاحظة
بنت حاتم وغيرها من الناس بإكرام.
55 سرية دومة الجندل 420 خالد بن الوليد أكيدر أمير دومة الجندل أسر أكيدر أمير دومة وقتل أخوه. أطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أكيدر وعقد الحلف مع حكومات نصرانية أخرى.

(1/678)


ص : 679
الملحق رقم (2)
جدول الأحداث التاريخية المتعلقة بالسيرة النبوية الرقم المسلسل الحادث السنة الإسلامية القمرية اليوم التاريخ الشهر عام الولادة السنة الميلادية الشمسية عام المبعث عام الهجرة التاريخ الشهر السنة القمرية الميلادية «1»
1 الولادة النبوية الأحد الإثنين 1 9 محرم ربيع الأول 1 1 15 2 فبراير إبريل 571 571 588 588
2 البعثة الإثنين 9 - 41 1 9 12 2 610 628
3 وجوب صلاة الفجر والعصر على المسلمين الإثنين 9 - 41 9 12 2 610 628
4 بدء نزول القرآن ليلة الجمعة 17 رمضان 41 1 14 17 8 610 628
5 هجرة الصحابة إلى أرض الحبشة رجب 45 5 4 610 632
6 حصار النبي صلى اللّه عليه وسلم في شعب أبي طالب الثلاثاء 1 محرم 47 7 30 3 10 9 615 634
7 سفره صلى اللّه عليه وسلم إلى الطائف جمادى الثانية 50 10 2 619 637
___________
(1) في أغسطس السنة الأولى الميلادية يوم الأربعاء كانت غرة محرم الحرام وقد بدأنا السنة الميلادية القمرية من نفس التاريخ ، وقد وضعنا السنة الميلادية القمرية ليعلم الفرق بين السنوات الشمسية والقمرية خلال مدة معينة.

(1/679)


ص : 680
الرقم المسلسل الحادث السنة الإسلامية القمرية اليوم التاريخ الشهر عام الولادة السنة الميلادية الشمسية عام المبعث عام الهجرة التاريخ الشهر السنة القمرية الميلادية
(2/74)
8 الإسراء والمعراج وفرض الصلوات الإثنين ليلة 27 رجب 50 10 ليلة 19 20 619 637
9 بداية إيمان أهل المدينة ذو الحجة 50 10 7 619 637
10 بيعة العقبة الأولى ذو الحجة 52 12 7 621 639
11 بيعة العقبة الثانية ذو الحجة 54 53 14 13 6 يونيو 622 640
12 الهجرة من مكة والدخول في الغار ليلة الجمعة 27 صفر 54 14 1 ليلة 13 910 سبتمبر 622 641
13 الدخول في قباء الإثنين 8 ربيع الأول 54 14 1 23 30 6 سبتمبر 622 631
14 الدخول في المدينة المنورة الجمعة 12 - 54 14 1 27 24 10 أكتوبر 622 641
15 بناء المسجد النبوي الإثنين 22 - 54 14 1 27 24 10 أكتوبر 622 641
16 الزيادة في صلاة الظهر والعصر والعشاء ربيع الثاني 54 14 1 10 أكتوبر 622 641
17 تحويل القبلة السبت 15 شعبان 55 15 2 14 11 10 أكتوبر 624 642
18 أول الصوم بعد وجوب رمضان الأحد 1 رمضان 55 15 2 29 36 20 فبراير 624 642
19 وجوب الزكاة 55 15 3 624 642
20 وجوب الجهاد 55 15 2 624 642

(1/680)


ص : 681
الرقم المسلسل الحادث السنة الإسلامية القمرية اليوم التاريخ الشهر عام الولادة السنة الميلادية الشمسية عام المبعث عام الهجرة التاريخ الشهر السنة القمرية الميلادية
21 يوم وقعة بدر الثلاثاء 17 رمضان 55 15 2 16 13 3 مارس 624 642
22 تحريم الخمر 56 16 3 625 643
23 نزول الحجاب الجمعة 1 ذو القعدة 57 17 4 4/ 7 4 أبريل 626 644
24 دعوة الملوك العظام إلى الإسلام الأربعاء 17 محرم 60 20 7 14 11 5 مايو 628 647
25 الفتح المبين الخميس 20 رمضان 61 21 8 14/ 11 1 يناير 630 648
26 وجوب الحج 62 22 9 631 649
27 أول حجة في الإسلام في إمامة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه. الإثنين أو الثلاثاء 9 ذو الحجة 62 24 9 21 18 3 مارس 631 649
28 حجة الوداع الجمعة - 63 63 10 9/ 9 3 مارس 632 650
(2/75)
29 بداية مرض النبي صلى اللّه عليه وسلم الإثنين 29 صفر 64 24 11 28/ 25 5 مايو 632 651
30 الوفاة الإثنين في وقت الضحى 13 ربيع الأول 64 24 11 11/ 8 6 يونيو 632 651
31 الدّفن ليلة الأربعاء تم دفنه بعد وفاته باثنتين وثلاثين ساعة 14 ربيع الأول 64 11 12/ 9 6 يونيو 632 651

(1/681)


ص : 683
الفهارس العامّة
فهرس المراجع العربية
فهرس المراجع الأجنبية
فهرس الآيات القرآنية الكريمة
فهرس الأحاديث والآثار النبوية الشريفة
فهرس الأشعار
فهرس الأعلام
فهرس القبائل والأقوام
فهرس الأمكنة والمواضع
فهرس الصّور والخرائط
فهرس الموضوعات

(1/683)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق